للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحبل جوارك، فقه من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر له، وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم)) . رواه أبوداود، وابن ماجه.

١٦٩٢- (٣٣) وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم))

ــ

الذمة والذمام الأمان والعهد. (وحبل جوارك) بكسر الجيم. قيل: عطف تفسيري. وقيل: الحبل العهد أي في كنف حفظك وعهد طاعتك. وقيل: أي في سبيل قربك، وهو الإيمان. والأظهر أن المعنى أنه متمسك ومتعلق بالقرآن، كما قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله} [آل عمران: ١٠٣] وفسره جمهور المفسرين بكتاب الله، والمراد بالجوار: الأمان، والإضافة بيانية يعني الحبل الذي يورث الاعتصام به الأمن والأمان والإسلام والإيمان، قاله القاري. وقال ابن الأثير في جامع الأصول: الحبل العهد والأمان، ومنه قوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً} أي بعهده، وكان من عادة العرب أن يخيف بعضهم بعضاً، فكان الرجل إذا أراد سفراً أخذ عهداً من سيد قبيلة، فيأمن بذلك مادام في حدوده. (أي مجاوراً أرضه) حتى (ينتهي) إلى آخر فيأخذ مثل ذلك، فهذا حبل الجوار أي العهد والأمان مادام مجاوراً أرضه. وقال الطيبي: الحبل العهد والأمان "وحبل جوارك" بيان لقوله "في ذمتك"، نحو أعجبني زيد وكرمه، والأصل أن فلاناً في عهدك، فنسب إلى الجوار ما كان منسوباً إلى الله تعالى، فجعل للجوار عهداً مبالغة في كمال حمايته، فالحبل مستعار للعهد لما فيه من التوثقة وعقد القول بالأيمان المؤكدة. (فقه) صيغة أمر من الوقاية بالضمير أو بهاء السكت. (من فتنة القبر) أي امتحان السؤال فيه أو من أنواع عذابه من الضغطة والظلعة وغيرهما. (وأنت أهل الوفاء) أي بالوعد، فإنك لا تخلف الميعاد. (والحق) أي أنت أهل الحق، فالمضاف مقدر. (رواه أبوداود) وسكت عليه هو والمنذري.

١٦٩٢- قوله: (اذكروا محاسن موتاكم) جمع حسن على غير قياس، والأمر للندب. (وكفوا) بضم الكاف أمر للوجوب أي امتنعوا. (عن مساويهم) جمع سوء على غير قياس أيضاً، أي لا تذكروهم إلا بخير، ويستثنى منه الثناء على الميت بالشر عند رؤية الجنازة قبل الدفن لما تقدم من حديث أنس، وجرح المجروحين من الرواة أحياء وأمواتاً لإجماع العلماء على جواز ذلك، وذكر مساوئ الكفار والفساق للتحذير منهم والتنفير عنهم. والمراد بالفاسق من ارتكب بدعة يفسق بها ويموت عليها، وأما الفاسق بغير ذلك فإن علمنا أنه مات وهو مصر على فسقه والمصلحة في ذكره جاز ذكر مساوية وإلا فلا. قال حجة الإسلام: غيبة الميت أشد من غيبة الحي، وذلك لأن عفو الحي واستحلاله ممكن ومتوقع في الدنيا بخلاف الميت. وفي الأزهار قال العلماء: وإذا رأى الغاسل من

<<  <  ج: ص:  >  >>