وغيرهم، وقليل ما هو. وإني إذا نسبت الحديث إليهم كأني أسندت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم قد فرغوا منه، وأغنونا عنه، وسردت الكتب والأبواب كما سردها، واقتفيت أثره فيها، وقسمت كل باب غالباً على فصول ثلاثة: أولها ما أخرجه الشيخان أو أحدهما،
ــ
وخمس مائة، وقال العلامة القنوجي البوفالي في الإتحاف (٣٥) : توفي سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، فالله أعلم، (وغيرهم) بالجر عطفاً على أبي عبد الله، وقيل: بالرفع، عطفاً على "مثل"، (وقليل ما) ما زائدة إبهامية تزيد الشيوع والمبالغة في القلة (هو) أي غيرهم والإفراد للفظ (غيرهم) وهو مبتدأ، خبره "قليل" يعني غير الأئمة الثلاثة عشر المذكورين قليل، كالنووي وابن حبان وابن عبد البر وغيرهم، ولما قال فيما قدمه "فأعلمت ما أغفله" استشعر اعتراضاً بأن الإعلام الحقيقي إنما هو بإيراد الإسناد الكلي ليترتب عليه معرفة رجاله التي يتوقف عليها الحكم بصحة الحديث وحسنه وضعفه وسائر أحواله، وأيضاً كان طعن بعض النقاد على صاحب المصابيح من جهة ترك ذكر الإسناد وهو باقٍ على حاله؛ لأنه لم يتأت ذكر الإسناد بذكر أحد من المؤلفين، فاعتذر عن الإشكال، فقال:(وإني إذا نسبت) أي كل حديث (إليهم) أي إلى بعض الأئمة المذكورين المعروفة كتبهم بأسانيدهم (كأني أسندت) أي الحديث برجاله (إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي فيما إذا كان الحديث مرفوعاً وهو الغالب؛ (لأنهم قد فرغوا منه) أي من الإسناد الكامل بذكرهم على حد قوله: {اعدلوا هو أقرب للتقوى}[٥: ٨] ، (وأغنونا) بهمزة قطع، أي جعلونا في غنى وكفاية (عنه) أي عن ذكر الإسناد، وقال القاري: أي عن تحقيق الإسناد من وصله وقطعه ووقفه ورفعه وضعفه وحسنه وصحته ووضعه، ومن ثم لزم الأخذ بنص أحدهم على صحة السند أو الحديث أو على حسنه أو ضعفه أو وضعه، (وسردت الكتب والأبواب) أي أوردتها ووضعتها متتابعة ومتوالية (كما سردها) أي رتبها وعينها البغوي في المصابيح، (واقتفيت) أي اتبعت (أثره) بفتحتين، وقيل: بكسر الهمزة وسكون المثلثة، أي طريقة (فيها) أي في الكتب والأبواب من غير تقديم وتأخير وزيادة وتغيير، فإن ترتيبه على وجه الكمال وتبويبه في غاية من الحسن، (وقسمت) بالتخفيف (غالباً) أي في غالب الأحوال، وقيد الغالبية بمعنى الأكثرية؛ لأنه قد لا يوجد الفصل الأول أو الثاني أو الثالث أو الثاني والثالث كلاهما في بعض الأبواب كما يأتي (أولها) أي أول الفصول في هذا الكتاب بدل قول البغوي في المصابيح "من الصحاح"(ما أخرجه) أي رواه (الشيخان أو أحدهما) أي بزعم صاحب المصابيح لما سيأتي من قوله "وإن عثرت على اختلاف في الفصلين" أو المراد في الغالب، والنادر كالمعدوم، والمراد بالشيخين في اصطلاح المحدثين: البخاري ومسلم، والإخراج والتخريج هو إيراد المحدث الحديث بسنده في كتابه، ويقال له الرواية أيضاً، فلا يقال في حق أحد ممن جمع الأحاديث في مؤلفاتهم ونقلوها من كتب الأصول الصحاح الستة والمسانيد والمعاجم والسنن وأمثالها كالبغوي في المصابيح والخطيب في المشكاة والحميدي في الجمع بين الصحيحين وابن الأثير في جامع الأصول والسيوطي في جمع