١٧١٨- (١٢) وعن جابر، قال:((لما كان يوم أحد جاءت عمتي بأبي لتدفنه في مقابرنا، فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ردوا القتلى إلى مضاجعهم)) .
ــ
رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - على القبر يوصي الحافر: أوسع من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه. إسناده صحيح-انتهى.
١٧١٨- قوله:(جاءت عمتي) اسمها فاطمة بنت عمرو بن حرام الأنصارية. قال الحافظ في الإصابة: ثبت ذكرها في الحديث الصحيح من رواية شعبة عن ابن المنكدر عن جابر قال: لما قتل أبي جعلت أكشف التراب عن وجهه، والقوم ينهوني، فجعلت عمتي فاطمة بنت عمرو تبكيه-الحديث. وهذا لفظ رواية الطيالسي عن شعبة. (بأبي) الباء للتعدية. (لتدفنه في مقابرنا) أي في المدينة ليقرب على أقاربه زيارة قبره والدعاء له أو لفضل اعتقدته في الدفن بالبقيع. (ردوا) بضم الراء. (القتلى) جمع القتيل وهو المقتول أي الشهداء. (إلى مضاجعهم) كذا في جميع النسخ، وكذا وقع في جامع الأصول (ج١١ص٤٢٩) . والذي في جامع الترمذي: إلى مضاجعها، أي إلى محالهم التي قتلوا فيها، والمعنى لا تنقلوا الشهداء من مقتلهم بل أدفنوهم حيث قتلوا، وهو يحتمل أن المراد منع النقل إلى أرض أخرى أو الدفن في خصوص البقعة التي قتلوا فيها، والله تعالى أعلم، وفي رواية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلى أحد أن يردوا إلى مصارعهم، وكانوا قد نقلوا إلى المدينة، ورواه البيهقي بلفظ: لما كان يوم أحد حمل القتلى ليدفنوا بالبقيع، فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم، بعد ما حملت أمي أبي وخالي عديلين لتدفنهم في البقيع فردوا-انتهى. قال في الأزهار: الأمر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ردوا القتلى للوجوب، وذلك أن نقل الميت من موضع إلى موضع يغلب فيه التغير حرام، وكان ذلك زجراً عن القيام بذلك والإقدام عليه، وهذا أظهر دليل وأقوى حجة في تحريم النقل وهو الصحيح، نقله السيد. قال القاري. والظاهر أن نهي النقل مختص بالشهداء؛ لأنه نقل ابن أبي وقاص من قصره إلى المدينة بحضور جماعة من الصحابة ولم ينكروا كما تقدم، والأظهر أن يحمل النهي على نقلهم بعد دفنهم لغير عذر، ويؤيده لفظ مضاجعهم، لعل وجه تخصيص الشهداء قوله تعالى:{قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}[آل عمران: ١٥٤] وفيه حكمة أخرى، وهو اجتماعهم في مكان واحد حياة وموتاً وبعثاً وحشراً، ويتبرك الناس بالزيارة إلى مشاهدهم-انتهى كلام القاري. وقيل المنع من النقل كان في الابتداء أي ابتداء أحد، وأما بعده فلا، لما روي أن جابراً جاء بأبيه عبد الله الذي قتل بأحد بعد ستة أشهر إلى البقيع ودفنه بها. وقال الطيبي: لعل الظاهر أنه إذا دعت ضرورة إلى النقل نقل وإلا فلا. قال القاري: وهذا القول هو القول؛ لأنه لا يظن بجابر أنه ينقل بعد النهي عن أن ينقل-انتهى.