١٧٤٨- (١٣) وعن أنس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مؤمن إلا وله بابان: باب يصعد منه عمله، وباب ينزل منه رزقه، فإذا مات بكيا عليه،
ــ
وإذا أصابته مصيبة فصبر أجر، فهو مأجور في كل أموره حتى في الشهوانية ببركة إيمانه، وإذا قصد بالنوم زوال التعب للقيام إلى العبادة عن نشاط كان النوم طاعة، وعلى هذا الأكل وجميع المباحات. (رواه البيهقي في شعب الإيمان) وأخرجه النسائي في اليوم والليلة، وفيه عمر بن سعد بن أبي وقاص وهو صدوق، لكنه مقته الناس، لكونه كان أميراً على الجيش الذي قتلوا الحسين بن علي. قال القاري: قد يقال: إنه لم يباشر قتله، ولعل حضوره مع العسكر كان بإكراه، أو ربما حسن حاله وطاب مآله. والحديث ظاهر صحته مبنى ومعنى، ولا يتعلق به حكم من الأحكام ديناً ودنياً. قلت: وللحديث شواهد: منها ما رواه أحمد ومسلم من حديث صهيب الرومي مرفوعاً: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له، ومنها ما رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري عن أبي الدرداء مرفوعاً: إن الله عزوجل قال: ياعيسى! إني باعث من بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا الله، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، ولا حلم ولا علم، فقال: يا رب! كيف يكون هذا؟ قال: أعطيهم من حلمي وعلمي.
١٧٤٨- قوله:(وله) أي مختص به. (بابان) أي من السماء. (يصعد) بفتح الياء وتضم أي يطلع ويرفع. (عمله) أي الصالح إلى مستقر الأعمال. وهو محل كتابتها في السماء بعد كتابتها في الأرض. وفي إطلاقه العمل إشعار بأن عمله كله صالح. (ينزل) بصيغة الفاعل أو المفعول. (رزقه) أي الحسي أو المعنوي إلى مستقر الأرزاق من الأرض. (بكيا) أي البابان. (عليه) أي على فراقه؛ لأنه انقطع خيره منهما، بخلاف الكافر، فإنهما يتأذيان بشره فلا يبكيان عليه، قاله ابن الملك. وهو ظاهر موافق لمذهب أهل السنة على ما نقله البغوي أن للأشياء كلها علماً بالله، ولها تسبيح ولها خشية وغيرها. وقيل: أي بكى عليه أهلهما من الملائكة والناس، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وقال الطيبي: الكشاف هذا تمثيل وتخييل مبالغة في فقدان من درج وانقطع خيره، وكذلك ما روي عن ابن عباس من بكاء مصلى المؤمن وآثاره في الأرض ومصاعد عمله ومهابط رزقه في السماء تمثيل، ونفي ذلك في قوله تعالى:{فما بكت عليهم السماء والأرض}[الدخان:٢٩] تهكم بهم وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده، فيقال فيه: بكت عليه السماء والأرض-انتهى. وهو مخالف لظاهر الآية والحديث، ولا وجه للعدول لمجرد