للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

١٤٧- (٨) وعن رافع بن خديج قال: ((قدم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يؤبرون النخل، فقال: ما تصنعون؟ قالوا: كنا نصنعه. قال: لعلكم لو لم تفعلوا كان خيراً. فتركوه، فنقصت. قال: فذكروا ذلك له. فقال: إنما أنا بشر، إذا أمرتك بشيء من أمر دينكم، فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأي،

ــ

أولى من استعمال العزيمة، بل ربما كان استعمال العزيمة حينئذٍ مرجوحاً كما في إتمام الصلاة في السفر، وربما كان مذموماً إذا كان رغبة عن السنة كترك المسح على الخفين. (متفق عليه) أخرجه البخاري في الأدب وفي الاعتصام، ومسلم في الفضائل، واللفظ للبخاري في الأدب. وأخرجه أيضاً النسائي في عمل اليوم والليلة.

١٤٧- قوله: (وعن رافع بن خديج) بفتح معجمة، وكسر دال مهملة، وبجيم، ابن رافع بن عدى الأوسي الحارثي الأنصاري، يكنى أباعبد الله، صحابي جليل، أول مشاهده أحد، ثم الخندق، ورده النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر؛ لأنه استصغره، وأجازه يوم أحد فشهد أحداً، والخندق، وأكثر المشاهد، وأصابه يوم أحد سهم فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنا أشهد لك يوم القيامة، وانتقضت جراحته في زمن عبد الملك بن مروان فمات في أول سنة (٧٣) بالمدينة، وله ست وثمانون سنة، وقيل: مات سنة (٧٤) له ثمانية وسبعون حديثاً، اتفقا على خمسة، وانفرد مسلم بثلاثة، روى عنه خلق. (وهم) أي أهل المدينة (يؤبرون النخل) بضم الياء وتشديد الباء المكسورة، من التأبير، وروى يأبرون بفتح الياء وتخفيف الباء المكسورة وضمها، من نصر وضرب. والأبر، والإبار، والتأبير: إدخال شيء من طلع الذكر في طلع الأنثى فتعلق بإذن الله، وتأتي بثمرة أجود مما لم يؤبر، وكانوا يفعلونه على العادة المستمرة في الجاهلية. (ما تصنعون) "ما" استفهامية (كنا نصنعه) أي هذا دأبنا وعادتنا. (لعلكم لو لم تفعلوا كان خيراً) أي تتعبون فيما لا ينفع. وفي حديث طلحة عند مسلم: ما أظن يغنى ذلك شيئاً (فتركوه) أي التأبير (فنقصت) أي النخل ثمارها، أو انتقصت ثمارها، فإن النقص متعد ولازم (فذكروا) أي أصحاب النخل (ذلك) أي النقص (إنما أنا بشر) أي فليس لي اطلاع على المغيبات، وإنما ذلك شيء قلته بحسب الظن، يعني أني لاحظت إذ ذلك الأمر الحقيقي، وهو أن كل شيء بقدرته تعالى، وأنها هي المؤثرة في الأشياء حقيقة، ولم ألتفت إلى أن الله تعالى قد أجرى عادته بأن ستر تأثير قدرته في بعض الأشياء بأسباب معتادة، فجعلها مقارنة لها ومغطاة لها، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من مراعاة الأسباب. (إذا أمرتكم بشيء من أمر دينكم) أضاف الدين إليهم؛ لأن المراد: إذا أمرتكم بما ينفعكم في أمر دينكم فخذوه، كقوله تعالى:: {وما آتاكم الرسول فخذوه} [٧:٥٩] (فخذوا به) أي افعلوه فإني إنما نطقت به عن الوحي. (بشيء) من أمور الدنيا ومعايشها (من رأي) أي من غير تشريع، فأما ما قاله باجتهاد - صلى الله عليه وسلم - ورآه شرعاً يجب العمل به، وليس إبار النخل من هذا النوع، بل من النوع

<<  <  ج: ص:  >  >>