وا جبلاه! وا كذاه! تعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئاً إلا قيل لي: أنت كذلك)) ؟ زاد في رواية:((فلما مات لم تبك عليه)) رواه البخاري.
١٧٦٠- (٢٥) وعن أبي موسى، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:((ما من ميت يموت فيقوم باكيهم فيقول: وا جبلاه! وا سيداه! ونحو ذلك، إلا وكل الله به ملكين يلهزانه، ويقولان: أهكذا
ــ
عليه وتقول. (وا جبلاه) بالجيم والموحدة واللام، والواو فيه للندبة وهو حرف نداء، ولكنه يختص بالندبة. والهاء فيه للسكت. قال الطيبي: حال والقول محذوف أي قائلة وا جبلاه، أي أنه كان لها كالجبل تأوي إليه عند طروق الحوادث فتعتصم به، ومستنداً تستند إليه في أمورها. (وا كذا وا كذا) مرتين كنايتان عن نحو سيداه وسنداه. (تعدد عليه) بضم التاء من التعديد، وهو ذكر أوصاف الميت ومحاسنه في أثناء البكاء، يعني تذكر محاسنه، وذلك غير جائز، وعند أبي نعيم في المستخرج وا عضداه، وفي مرسل الحسن عند ابن سعد وا جبلاه وا عزاه، وفي مرسل أبي عمران الجوني عنده وا ظهراه، وزاد فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عاده، فأغمي عليه فقال: اللهم إن كان أجله حضر فيسر عليه وإلا فاشفه، قال: فوجد خفة، فقال: كان ملك قد رفع مرزبة من حديد يقول: أنت كذا، فلو قلت نعم لقمعنى بها. (فقال) عبد الله. (حين أفاق) من الإغماء لأخته عمرة. (ما قلت شيئاً) مما سبق. (إلا قيل لي) استثناء مفرغ. (أنت كذلك) استفهام على سبيل الإنكار، أي قيل لي أنت لها جبل؟ أي كهف تلجيء إليك على سبيل الإيذاء والإهانة والتهكم والوعيد الشديد، وزاد أبونعيم في آخرها فنهاها عن البكاء عليه. قال الطيبي: هذا الحديث ينصر مذهب عمر رضي الله عنه في حديث ابن أبي مليكة. وقال ابن حجر: فإن قلت: ما وجه توبيخه بهذا مع أنه لم يرض به ولا أمر؟ قلت: إخباره بذلك حتى ينزجر الناس عن فعل شيء من ذلك. (فلما مات) عبد الله بن رواحة في غزوة مؤتة وبلغها خبره. (لم تبك عليه) أي أخته لنهيه إياها عن ذلك في مرضه الذي أغمي عليه فيه ولم يمت منه، وقيل: لم تبك عليه مخافة أن يقال له بعد الموت أيضاً، كما قيل في حالة الإغماء. (رواه البخاري) في المغازي وأخرجه ابن سعد والبيهقي أيضاً (ج٤:ص٦٤) .
١٧٦٠- قوله:(ما من ميت) أي حقيقي أو مشرف على الموت. (يموت) قال الطيبي هو كقول ابن عباس يمرض المريض وتضل الضالة فسمي المشارف للموت والمرض والضلال ميتاً ومريضاً وضالة، وهذه الحالة هي الحالة التي ظهرت على عبد الله بن رواحة. (فيقوم) أي فيشرع. (يلهزانه) بفتح الهاء أي يضربانه ويدفعانه. وفي النهاية: اللهز الضرب بجمع اليد في الصدر، يقال: لهزه بالرمح أي طعنه في الصدر. (أهكذا كنت) أي توبيخاً وتقريعاً وتهكماً به،