للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٧٦- (٤١) وعن أم الدرداء، قالت: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن الله تبارك وتعالى قال: يا عيسى! إني باعث من بعدك أمة إذا أصابهم ما يحبون حمدوا الله، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، ولا حلم ولا عقل. فقال: يا رب! كيف يكون هذا لهم ولا حلم ولا عقل؟ قال: أعطيهم من حلمي وعلمي)) رواهما البيهقي في شعب الإيمان.

ــ

١٧٧٦- قوله: (وعن أم الدرداء) هي أم الدرداء الصغرى، هجيمة الأوصابية الدمشقية الفقيهة التابعية، لا أم الدرداء الكبرى الصحابية. (إني باعث) أي خالق ومظهر. (أمة) أي جماعة عظيمة. والمراد بهم صلحاء أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -. (حمدوا الله) أي على إصابتهم ما يحبون. (احتسبوا) أي طلبوا الثواب من الله. (ولا حلم) أي الحال أنهم لا حلم لهم. (ولا عقل) أي كسبيان أو كاملان قبل ذلك يحملهم على ما سبق منهم، قاله القاري. وفي مسند الإمام أحمد (ج٦:ص٤٥٠) والمستدرك (ج١:ص٣٤٨) "ولا علم" بدل "ولا عقل" في الموضعين، وكذا في مجمع الزوائد والترغيب. (فقال) أي عيسى: (كيف يكون هذا) أي ما ذكر من الحمد حال السراء والصبر حال الضراء. (ولا حلم ولا عقل) ؛ لأن الحلم هي الصفة المعتدلة تمنع الإنسان عن العجلة وتبعثه على التأمل في القضايا والأحكام حتى يقوم بمقتضى المقام، فيشكر عند الإنعام ولا يبطر، ويصبر على المحنة، ولا يجزع عند المصيبة. والعقل يمنعه ويعقله عما لا ينبغي، فيكون مانعاً له من الكفران وحاملاً وباعثاً له على حمد الله تعالى، وبه يعلم الإنسان أن الأمر كله بيد الله، والخير فيما اختاره الله، فيصبر على ما قدر وقضاه. وأما إذا لم يكن لهم حلم ولا عقل فأمرهم غريب وحالهم عجيب. (أعطيهم من حلمي وعلمي) أي اللدنيين عند المنحة والمحنة ليشكروا حال السراء ويصبروا حال الضراء على وجه الكمال، قاله القاري. وقال الطيبي: قوله "لا حلم ولا عقل" قيل: هو مؤكد لمفهوم احتسبوا وصبروا؛ لأن الاحتساب أن يحمله على العمل والإخلاص وابتغاء مرضاة الله لا الحلم والعقل، وحينئذٍ يتوجه السؤال أي كيف يصبر ويحتسب من لا حلم ولا عقل له؟ فأجاب بأنه إن فنى حلمه وعقله يتحلم ويتعقل بحلم الله وعلمه. وفي وضع علمي موضع العقل إشارة إلى عدم جواز نسبة العقل إليه، تعالى عن صفات المخلوقين علواً كبيراً، وهو القوة المتهيئة لقبول العلم-انتهى. والحديث يدل على الترغيب في الصبر سيما لمن ابتلى في نفسه وماله، وعلى فضل الأمة المحمدية. (رواهما) أي هذا الحديث والذي قبله. (البيهقي) الحديث الأول أخرجه البزار وابن عدي أيضاً، كما في الجامع الصغير، ونسبه الهيثمي (ج٢:ص٣٣١) للبزار. وقال: فيه بكر بن خنيس، وهو ضعيف، وروى البزار أيضاً عن شداد بن أوس مثله، وفيه خارجة بن مصعب، وهو متروك. وفي الباب أيضاً عن أبي أمامة عند الطبراني في الكبير، وفيه العلاء بن كثير، وهو متروك، وله حديث آخر عند

<<  <  ج: ص:  >  >>