وقال بعضهم: إنما كره زيارة القبور للنساء لقلة صبرهن وكثرة جزعهن. تم كلامه.
١٧٨٦- (١٠) وعن عائشة، قالت:((كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني واضع ثوبي، وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر معهم، فوالله ما دخلته إلا أنا مشدودة عليّ ثيابي حياءً من عمر)) .
ــ
أهل الديار الخ. (وهو ثاني أحاديث الفصل الثالث من هذا الباب) ، ومنها ما أخرجه البخاري: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني-الحديث. (وقد تقدم في باب البكاء) ، ومنها ما رواه الحاكم أن فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة الخ. قلت: هذا حديث ضعيف منكر كما تقدم عن الذهبي. (وقال بعضهم: إنما كره) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروي بصيغة المجهول، قاله القاري. (زيارة القبور للنساء لقلة صبرهن وكثرة جزعهن) يعني بقيت النساء تحت النهي لقلة صبرهن وكثرة جزعن، قال السندي: وهو الأقرب إلى تخصيصهن بالذكر في أحاديث اللعن. وأجاب القائلون بالجواز عن هذه الأحاديث بأنها محمولة على زيارتهن لمحرم كالنوح وغيره، كما تقدم عن القرطبي والشوكاني والقاري. وبهذا تجمع الأحاديث المتخالفة في الظاهر، وهو الراجح عندي. والله تعالى أعلم. (تم كلامه) أي قال المصنف: تم كلام الترمذي.
١٧٨٦- قوله:(بيتي الذي فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي قبره أو دفن فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي مسند الإمام أحمد (ج٦ص٢٠٢) : بيتي الذي دفن فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي. (وإني واضع) بالتنوين، والظاهر واضعة، فكأنه نزل منزلة الحائض، أو التذكير باعتبار الشخص، ويجوز إضافته إلى قولها:(ثوبي) أي بعض ثيابي، ولذا أفرد هنا وجمع فيما سيأتي، وفي المسند: فأضع ثوبي، بلفظ المتكلم من المضارع. (وأقول) وفي المسند: فأقول، أي في نفسي لبيان عذر الوضع. وقال الطيبي: القول بمعنى الاعتقاد، وهو كالتعليل لوضع الثوب. (إنما هو) أي الكائن هنا. (زوجي وأبي) أي إنما هو زوجي والآخر أبي، والضمير للشأن، أي إنما الشأن زوجي وأبي مدفونان فيه، أو الضمير للبيت، أي إنما هو مدفن زوجي وأبي على تقدير مضاف. (فلما دفن عمر معهم) فيه اختيار أن أقل الجمع اثنان. (فوالله ما دخلته إلا وأنا مشدودة عليّ ثيابي حياءً من عمر) فيه أنه ينبغي احترام الميت عند زيارة قبره كاحترامه حياً. قال الطيبي: في الحديث دليل بيّن على أنه يجب احترام أهل القبور، وتنزيل كل منزلته ما هو عليه في حياته من مراعاة الأدب معهم على قدر مراتبهم، والله أعلم- انتهى. وقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب القبور عن سليم بن غفر أنه مر على مقبرة وهو حاقن قد غلبه البول، فقيل له: لو نزلت فبلت، قال: سبحان الله، والله إني لأستحي