وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به)) . متفق عليه.
١٥١ - (١٢) وعن عائشة قالت: ((تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات}
ــ
وهذه رواية البخاري، هذه رواية البخاري، ولمسلم: رعوا من الرعى، وكذا للنسائي. (وأصاب) أي الغيث (منها) الجملة عطف على "أصاب أرضاً" وضمير "منها" لمطلق الأرض المفهوم من الكلام لا للأرض المذكورة أولاً في قوله: أصاب أرضاً (إنما هي) أي تلك الطائفة (قيعان) بكسر القاف جمع قاع، وهي الأرض المستوية الملساء (فذلك) أي المذكور من الأنواع (مثل من فقه) بضم القاف وكسرها، والمشهور الضم، إذا فهم وأدرك الكلام (فعلم وعلم) الأول بكسر اللام مخففة، والثاني بتشديدها، وهذا مثل الأرض التي هي محل الانتفاع. فأهل الاجتهاد منهم كالأرض الطيبة التي قبلت الماء فأنبتت العشب والكلأ، وأهل الحفظ والرواية الذين لم يبلغوا مرتبة الاجتهاد والاستخراج كالأجادب التي أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا، وسقوا وزرعوا (ومثل من لم يرفع بذلك) أي بما بعثنى الله به (رأساً) أي للتكبر، ولم يلتفت إليه من غاية تكبره، وهذا مثل الأرض التي ليست محل الانتفاع لعدم إمساك الماء وعدم إنبات الكلأ. (ولم يقبل هدى الله) بضم الهاء وفتح الدال (الذى أرسلت به) قال الطيبي: عطف تفسيرى. وفي الحديث إشارة إلى أن الاستعدادات ليست بمكتسبة بل هي مواهب ربانية، وكمالها أن تستفيض من مشكاة النبوة فلا خير في من يشتغل بغير الكتاب والسنة، وأن الفقيه من علم وعلم. (متفق عليه) أخرجه البخارى، في العلم، ومسلم في فضائل النبي، وأخرجه أيضاً أحمد (ج٤:ص٣٩٩) والنسائي في العلم.
١٥١- قوله:(هو الذى أنزل عليك الكتاب) أي القرآن (منه) أي بعضه (آيات محكمات) وبعد {هن} أي تلك الآيات المحكمات {أم الكتاب} أي أصله الذى يعول عليه في الأحكام، ويعمل به في الحلال والحرام، ويرجع إليه غيره، فإن وافقه يقبل، وإلا فيحكم يبطلان ما فهمنا منه {وأخر} أي آيات أخر {متشابهات}[٧:٣] . قال الحافظ في الفتح: قيل المحكم من القرآن ما وضح معناه، والمتشابه نقيضه، وسمى المحكم بذلك لوضوح مفردات كلامه، وإتقان تركيبه، بخلاف المتشابه. وقيل: المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور، وإما بالتأويل، والمتشابه ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة، وخروج الدجال، والحروف المقطعة في أوائل السور. وقيل في تفسير المحكم والمتشابه أقوال أخر غير هذه نحو العشر ليس هذا موضع بسطها، وما ذكرته أشهرها وأقربها إلى الصواب. وذكر أبومنصور البغدادى: أن