وتنطحه بقرونها، كلما جازت أخراها ردت عليه أولها، حتى يقضي بين الناس)) . متفق عليه.
١٧٩١- (٥) وعن جرير بن عبد الله، قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتاكم المصدق، فليصدر عنكم وهو عنكم راض)) .
ــ
(تنطحه) بكسر الطاء وتفتح أي تضربه ذوات القرون (بقرونها) فالضمير في كل قسم عائد على بعض الجملة لا على الكل، والخف للإبل، والقرون للبقر والغنم، كما أن الظلف لهما، وقيل: قوله "تنطحه بقرونها" راجع للبقر (كلما جازت) بالجيم والزاي أي مرت (ردت) بضم الراء مبنياً للمفعول أي أعيدت (عليه) أي على الرجل يعني فهو معاقب بذلك (حتى يقضي بين الناس) أي إلى أن يفرغ الحساب (متفق عليه) واللفظ للبخاري، وأخرجه أيضا أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي (ج٤:ص٩٧) وغيرهم.
١٧٩١- قوله:(إذا أتاكم المصدق) بكسر الدال المشددة مع تخفيف الصاد أي آخذ الصدقة، وهو الساعي العامل وأما المصدق بتشديد الصاد فهو دافع الصدقة أي معطيها، وهو رب المال (فليصدر عنكم) بضم الدال أي يرجع (وهو عنكم راض) الجملة حال. وفي رواية الترمذي والبيهقي: فلا يفارقنكم إلا عن رضى. وفي رواية ابن ماجه: لا يرجع المصدق إلا عن رضا، قال الطيبي: ذكر المسبب وأراد السبب، لأنه أمر للعامل، وفي الحقيقة أمر للمزكي. والمعنى تلقوه بالترحيب وأداء زكاة أموالكم تامة ليرجع عنكم راضياً، وإنما عدل إلى هذه الصفة مبالغة في استرضاء المصدق وإن ظلم كما سيجيئ - انتهى. وقال البيهقي في سننه (ج٤:ص١٣٧) : قال الشافعي، يعني والله أعلم أن يوفوه طائعين ولا يلووه لا أن يعطوه لا أن يعطوه من أموالهم ما ليس عليهم فبهذا يأمرهم ويأمر المصدق. قال البيهقي: وهذا الذي قاله الشافعي محتمل، لولا ما في رواية أبي داود من الزيادة، وهي قالوا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن ظلمونا، قال: أرضوا مصدقيكم وإن ظلمتم، ففي هذا كالدلالة على أنه رأى الصبر على تعديهم - انتهى. قال عياض: فيه الحض على طاعة الأمراء وترك مخالفتهم، وكل ذلك حض على الألفة وإجتماع الكلمة التي جعلها الله سبحانه وتعالى أصلاً لصلاح الكافة وعمارة ونظام أمر الدنيا والآخرة. وقال النووي: مقصود الحديث الوصاة بالسعادة وطاعة ولاة الأمور وملاطفتهم وجمع كلمة المسلمين وإصلاح ذات البين، وهذا كله مالم يطلب جوراً، فإذا طلب جوراً فلا موافقة له ولا طاعة لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس في صحيح البخاري: فمن سألها على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعط -انتهى. وقال السندي: أي لا يرجع عامل الصدقة إلا عن رضى بأن تلقوه بالترحيب وتودوا إليه الزكاة طائعين، ولم يرد أن تعطوه الزائد على الواجب لحديث: من سأل فوقها فلا يعطي أي فوق الواجب. وقيل: لا يعطي أصلاً لأنه الغزل بالجور-انتهى. وسيأتي رواية