استقلالاً لم تكن من الأمر المعروف، وإنما أحدثت في دولة بني هاشم وأما الملائكة فلا أعرف فيه حديثاً نصاً، وإنما يؤخذ ذلك من الذي قبله إن ثبت، لأن الله تعالى سماهم رسلاً. وأما المؤمنون فاختلف فيه، فقيل لا تجوز إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وحكي عن مالك كما تقدم. وقالت طائفة. لا تجوز مطلقاً استقلالاً، وتجوز تبعاً فيما ورد به النص. أو الحق به لقوله تعالى:{لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً}[الفرقان:٦٣] ولأنه لما علمهم السلام. قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ولما علمهم الصلاة قصر ذلك عليه وعلى أهل بيته، وهذا القول اختاره القرطبي في المفهم وأبوالمعالى من الحنابلة، وهو اختيار ابن تيمية من المتأخرين. وقالت: طائفة تجوز تبعاً مطلقاً، ولا تجوز استقلالاً، وهذا قول أبي حنيفة وجماعة. وقالت طائفة: تكره استقلالاً لا تبعاً، وهي رواية عن أحمد. وقال النووي: هو خلاف الأولى. وقالت طائفة: تجوز مطلقاً، وهو مقتضي صنيع للبخاري (كما تقدم تقريره) ووقع مثل حديث ابن أبي أوفى عن قيس بن سعد بن عبادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه وهو يقول: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة، أخرجه أبوداود والنسائي، وسنده جيد، وفي حديث جابر أن امرأته قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: صل علي وعلى زوجي. ففعل، أخرجه أحمد مطولاً ومختصراً، وصححه ابن حبان. وهذا القول جاء عن الحسن ومجاهد، ونص عليه أحمد في رواية أبي داود، وبه قال إسحاق وأبوثور وداود والطبري، واحتجوا بقوله تعالى:{هو الذي يصلي عليكم وملائكته}[الأحزاب:٤٣] وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: إن الملائكة تقول لروح المؤمن صلى الله عليك وعلى جسدك. وأجاب المانعون عن ذلك كله بأن ذلك صدر من الله ورسوله، ولهما أن يخصا من شاءا بما شاءا، وليس ذلك لأحد غيرهما. قال الحافظ: والحجة فيه أنه صار شعار للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا يشاركه غيره فيه فلا يقال قال أبوبكر - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان معناه صحيحا. ويقال: صلى الله على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى خليفته. ونحو ذلك وقريب من هذا أنه لا يقال محمد عزوجل، وإن كان معناه صحيحاً، لأن هذا الثناء صار شعارا لله سبحانه، فلا يشاركه غيره فيه. ولا حجة لمن أجاز ذلك منفردً محتجاً بقوله تعالى:{وصل عليهم}[التوبة:١٠٣] وبقوله: - صلى الله عليه وسلم - " اللهم صلى على آل أبى أوفى" وبقول امرأة جابر: "صل علي وعلى زوجي" فقال: صل عليهما، فإن ذلك كله صدر من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولصاحب الحق أن يتفضل من حقه بما شاء لمن شاء، وليس لغيره أن يتصرف إلا بإذنه، ولم يثبت عنه إذن في ذلك. ويقوي المنع بأن الصلاة على غير النبي - صلى الله عليه وسلم - صار شعاراً لأهل الاهواء، يصلون على من يعظمونه من أهل البيت وغيرهم، وهل المنع في ذلك حرام أو مكروه أو خلاف الأولى؟ حكي الأوجه الثلاثة النووي في الأذكار، وصحح الثاني. وقد روى إسماعيل بن إسحاق في أحكام القرآن بإسناد حسن عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب: أما بعد وإن ناساً من القصاص أحدثوا في الصلاة على خلفاءهم وأمراءهم عدل الصلاة على النبي. فإذا جاءك