إلى ذلك. وقال أبوعبيد: أرى – والله أعلم – أنه كان أخر عنه الصدقة عامين من أجل حاجة العباس، فإنه يجوز للإمام أن يؤخرها إذا كان ذلك على وجه النظر ثم يأخذها بعد كالذي فعله عمر في عام الرمادة، فلما أحيى الناس في العام المقبل أخذ منهم صدقة عامين. قال التوربشتي: ويخرج معنى قوله "فهي على ومثلها معها" على هذا التأويل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: هذا القول على صيغة التكفل بما يتوجه عليه من صدقة عامين، وهو تأويل حسن – انتهى. وقال في اللمعات: استمهل العباس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك عامين لحاجة كانت له فأمهله، ويجوز للإمام أن يؤخرها إذا كان لوجه النظر ثم يأخذها وقيل: معناه أنه - صلى الله عليه وسلم - التزم بإخراج ذلك عنه، ويرجحه قوله: إن عم الرجل صنو أبيه أي مثله، ففي هذا اللفظة إشعار بذلك، فإن كونه صنوا لاب يناسب أني حمل عنه أي هي علي إحساناً إليه وبرآً به وتفضيلاً له وتشريفاً. قال الخطابي: وقد يحتمل معنى الحديث أن يكون قد تحمل بالصدقة وضمن أداءها عنه لسنتين، ولذلك قال: إن عم الرجل صنو أبيه يريد أنه حقه في الوجوب كحق أبيه عليه، إذ هما شقيقان خرجا من أصل واحد، فأنا أنزهه عن منع الصدقة والمطل بها وأوديها عنه. وقيل: معنى علي عندي أي هي عندي قرض، لأنه - صلى الله عليه وسلم - استقرض منه زكاة عامين لاحتياجه لصرفها في مصارفها أو في المصارف الأخرى التي على بيت مال المسلمين، وقد ورد ذلك صريحاً فيما أخرجه الترمذي وغيره من حديث علي. وفي إسناده مقال. وفي الدارقطني من طريق موسى ابن طلحة. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنا كنا احتجنا فتعجلنا من العباس صدقة ماله سنتين، وهذا مرسل وروى الدارقطني أيضاً موصولاً بذكر طلحة، وإسناد المرسل أصح. وقيل: إن العباس عجل إليه - صلى الله عليه وسلم - صدقة عامين هذا العام الذي طلب العامل منه، والعام الذي بعده، وهو المراد بقوله:"ومثلها معها" ومعنى على عندي، أي قد وصل إلى زكاة العباس لعامين، فهي عندي. قال أبوعبيدة بعد ذكر ما يدل على أنه أخر زكاته عنه وما يدل على أنه تعجلها منه: ولعل الأمرين جميعاً قد كانا أي في وقتين. قال وكلا الوجهين: جائز إذا كان على وجه الإجتهاد، وحسن النظر من الإمام وقيل: يحتمل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أستسلف منه مالاً ينفقه في سبيل الله، ثم يتحسب له من الصدقة عند حلولها. قال الحافظ، وقيل المعنى استسلف منه قدر صدقة عامين، فأمر أن يقاص به من ذلك، واستبعد ذلك بأنه لو كان وقع لكان - صلى الله عليه وسلم - أعلم عمر بأنه لا يطالب العباس، وليس ببعيد- انتهى. وأعلم أنه وقع اختلاف في هذا اللفظ، ففي رواية وقع كما في الكتاب، وهو لفظ مسلم. وفي رواية فهي علي صدقة ومثلها معها، وهو لفظ البخاري، وفي رواية هي "عليه ومثلها معها" أي من غير ذكر الصدقة، ذكر هذا اللفظ البخاري، ووصله الدارقطني من طريق محمد بن إسحاق. وفي رواية "فهي له ومثلها معها" وهو لفظ ابن خزيمة، أخرجه من طريق موسى بن عقبة. أما معنى اللفظ الذي في المشكاة فقد تقدم الكلام عليه آنفاً. وأما معنى فهي عليه صدقة ومثلها معها