للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم)) .

ــ

الجيم والنون وكل منهما يكون في الزكاة، والرهان، أي سباق الفرس. فأما الجلب في الزكاة فهو أن ينزل الساعي محلاً بعيداً من مواضع أرباب الأموال، ولا يأتي أماكنهم لأخذ الصدقات. ولكن يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها أو يأمر أرباب الأموال أن يجمعوا أموالهم عنده ويجلبوها إليه ليأخذ زكاتها فنهى عن ذلك وأمر بأخذ صدقاتهم على أماكنهم ودورهم ومنازلهم ومياههم، لسهولة الأخذ. حينئذٍ لأن في إتيانهم وسوق مواشيهم وغيرها من الأموال من مواضعهم إلى الموضع، الذي نزل فيه العامل مشقة، والجنب في الزكاة أن يجنب أي يبعد أرباب الأموال من مواضعهم المعهودة إلى مواضع بعيدة حتى يحتاج العامل إلى الأبعاد في طلبهم فنهى عن ذلك لما في إيتأنه إليهم من المشقة، والحاصل أن الجلب أن يقرب العامل أموال الناس إليه والجنب أن يبعد صاحب المال بماله عن العامل، وقيل الجنب في الزكاة أن ينزل الساعي بأقصى محال أرباب الأموال، ثم يأمر بالأموال بأن تجنب إليه أي تحضر فنهى عن ذلك لما في من شدة المشقة على أرباب الأموال، والفرق بين التفسرين أن حكم النهي على الأول: يكون متعلقاً بالمعطى، وعلى الثاني: بالساعي والتفسير الأول أولى وأدخل في الفرق بينه وبين الجلب بخلاف الثاني فإنه لا فرق كثير بينهما عليه، وأما الجلب في سباق الخيل فهو أن يتبع الفارس رجلاً فرسه ليزجره ويجلب عليه ويصيح به حثاً له على قوة الجري، فنهى عنه، لما يترتب إليه من أضرار الفرس، وفسره مالك بأن تجلب الفرس في السباق فيحرك وراءه شيء يستحث فيسبق والجنب في السباق أن يجنّب فرساً إلى فرسه الذي يسابق عليه فإذا افتر المركوب يتحول إلى المجنوب فيسبق صاحبه، فنهى عنه. قيل: وكان وجه النهي عنه، أن السباق إنما هو لبيان إختباره قوة الفرس وبهذا الفعل لا يعرف قوة واحد من الفرسين، فرب فرس توانى أولاً. أو في الأثناء ثم سبق. قال الخطابي: في المعالم (ج٢ ص٤٠- ٤١) الجلب، يفسر تفسيرين يقال: إنه في رهان الخيل، وهو أن يجلب عليها عند الركض (ليحتدّ في الجري) ويقال: هو في الماشية. يقول لا ينبغي للمصدق أن يقيم بموضع، ثم يرسل إلى أهل المياه فيجلبوا إليه مواشيهم فيصدقها ولكن ليأتيهم على مياهم حتى يصدقهم هناك وأما الجنب فتفسيره أيضاً على وجهين، أحدهما أن يكون في الصدقة وهو أن أصحاب الأموال لا يجنبون عن مواضعهم أي لا يبعدون عنها حتى يحتاج المصدق إلى أن يتبعهم ويمعن في طلبهم. وقيل: أن الجنب في الرهان، وهو أن يركب فرساً فيركضه وقد أجنب معه فرساً آخر فإذا قارب الغاية ركبه وهو جامٌّ فيسبق صاحبه- انتهى. وكذا فسرهما الجزري في جامع الأصول (ج٥ ص٤٧٩) قال الطيبي: كلا اللغطين مشترك في معنى السباق، والزكاة والقرينة الموضحة لأداء المعنى الثانية قوله: (ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم) أي منازلهم وأماكنهم ومياههم وقبائلهم على سبيل الحصر لأنه كنى بها عنه فإن أخذ الصدقة في دورهم لازم لعدم بعد الساعي عنها فيجلب إليه ولعدم بعد المزكي فإنه إذا بعد عنها لم يؤخذ فيها- انتهى. وحاصله أن

<<  <  ج: ص:  >  >>