أن يكون المستفاد من غير جنس ما عنده فهذا له حكم نفسه لا يضم إلى ما عنده في حول ولا نصاب، بل أن كان نصاباً استقبل به حولاً وزكاه وإلا فلا شيء فيه، وهذا قول جمهور العلماء منهم أبوبكر، وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم. الثالث أن يستفيد مالاً من جنس نصاب عنده قد انعقد عليه حول الزكاة بسبب مستقل مثل أن يكون عنده أربعون من الغنم مضى عليها بعض الحول، فيشتري أو يتهب مائة، فهذا لا تجب فيه الزكاة حتى يمضي عليه حول أيضاً وبهذا قال الشافعي: وقال أبوحنيفة يضمه إلى ما عنده في الحول فيزكيهما جميعاً عند تمام حول المال الذي كان عنده، لأنه يضم إلى جنسه في النصاب فوجب ضمه إليه في الحول كالنتاج ولأنه إذا ضم في النصاب وهو سبب فضمه إليه في الحول الذي هو شرط أولى، وبيان ذلك أنه لو كان عنده مائتا درهم مضى عليها نصف الحول فوجب له مائة أخرى فإن الزكاة تجب فيها إذا تم حولها بغير خلاف، ولولا المأتان ما وجب فيها شيء فإذا ضمت إلى المائتين في أصل الوجوب فكذلك في وقته، ولأن إفراده بالحول يفضي إلى تشقيص الواجب في السائمة واختلاف أوقات الواجب، والحاجة إلى ضبط مواقيت التملك ومعرفة قدر الواجب في كل جزء ملكه ووجوب القدر اليسير الذي لا يتمكن من إخراجه ثم يتكرر ذلك في كل حول ووقت وهذا حرج مدفوع بقوله تعالى:{وما جعل عليكم في الدين من حرج}[الحج: ٧٨] وقد اعتبر الشرع ذلك بإيجاب غير الجنس فيما دون خمس وعشرين من الإبل وجعل الأوقاص في السائمة وضم الأرباح والنتاج إلى حول أصلها مقروناً بدفع هذه المفسدة فيدل على أنه علة لذلك فوجب تعدية الحكم إلى محل النزاع وقال مالك: كقوله في السائمة دفعاً لتشقيص الواجب وكقولنا في الإثمان لعدم ذلك فيها. ولنا حديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول (أخرجه ابن ماجه وغيره بسند ضعيف) ثم ذكرت حديث ابن عمر قال وقد روى عن أبي بكر الصديق وعلي وابن عمر وعائشة وعطاء وعمر بن عبد العزيز وسالم والنخعي إنه لا زكاة في المستفاد حتى يحول عليه الحول. ولأنه مملوك أصلاً فيعتبر فيه الحول شرطأ كالمستفاد من غير الجنس. قال: وأما الأرباح والنتاج فإنما ضمت إلى أصلها، لأنها تبع له ومتولدة منه، ولا يوجد ذلك في مسألتنا، وإن سلمنا أن علة ضمنها ما ذكروه من الحرج. فلا يوجد ذلك في مسألتنا، لأن الأرباح تكثر وتتكرر في الأيام والساعات ويعسر ضبطها، وكذلك النتاج وقد يوجد ولا يشعر به فالمشقة فيه أتم لكثرة تكرره بخلاف هذه الأسباب المستقلة. فإن الميراث والاغتنام والاتهاب ونحو ذلك يندر ولا يتكرر فلا يشق ذلك فيه، فإن شق فهو درن المشقة في الأرباح والنتاج فيمتنع قياسه عليه، واليسر فيما ذكرنا أكثر. لأن الإنسان يتخير بين التأخير والتعجيل وما ذكروه يتعين عليه التعجيل. ولا شك إن التخيير بين شيئين أيسر من تعيين أحدهما، وأما ضمه إليه في النصاب فلأن النصاب معتبر لحصول الغني وقد حصل الغني بالنصاب الأول والحول معتبر ليحصل أداء الزكاة من الربح