والحافظ في التلخيص وأجاب الحنفية عن حديث الباب بأن المراد بالصدقة النفقة على اليتيم نفسه، لأن الزكاة لا تفني جميع المال فعلم أن المراد به النفقة التي تستغرق جميع المال. قال السرخسي: ألا ترى أنه أضاف الأكل إلى جميع المال والنفقة هي التي تأتي على جميع المال دون الزكاة، ولأن اسم الصدقة قد ينطلق على النفقة لقوله عليه السلام: أن المسلم إذا أنفق على أهله كانت له صدقة وتعقب هذا بأن اسم الزكاة لا يطلق على النفقة لغة ولا شرعاً ولا يقاس على لفظ صدقة، لأن اللغة لا تؤخذ بالقياس، والقول بأن رواية من روى بلفظ الزكاة رواية بالمعنى باطل مردود لأنه مجرد دعوى لا دليل عليها، ويرده أيضاً أثر ابن مسعود المذكور في كلام ابن قدامة وغير ذلك من الآثار. وأجيب عن الأول بأن المراد بالأكل النقص كما قال القاري وابن الملك وأجاب ابن الهمام عن آثار الصحابة التي تدل على وجوب الزكاة في مال الصبي بأنها لا تستلزم كونها عن سماع إذ يمكن الرأي فيه فيجوز كونه بناء عليه، فحاصله قول الصحابي عن اجتهاد عارضه رأى صحابي آخر. قال محمد بن الحسن في كتاب الآثار أنا أبوحنيفة حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن مسعود ليس في مال اليتيم زكاة. وليث كان أحد العلماء العباد، وقيل اختلط في آخر عمره، ومعلوم أن أباحنيفة لم يكن ليذهب فيأخذ عنه حال اختلاطه ويرويه وهو الذي شدد أمر الرواية ما لم يشدده غيره وروى مثل قول ابن مسعود عن ابن عباس تفرد به ابن لهيعة- انتهى. وتعقبه شيخنا في شرح الترمذي بأنه لم يثبت عن أحد من الصحابة بسند صحيح عدم القول بوجوب الزكاة في مال الصبي، وأما أثر ابن مسعود فهو ضعيف من وجهين: الأول أنه منقطع والثاني أن في إسناده ليث بن أبي سليم، قال الحافظ: صدوق اختلط أخيرا ولم يتميز حديثه. وقال البيهقي (ج٤ ص١٠٨) هذا أثر ضعيف لأنه منقطع فإن مجاهداً لم يدرك ابن مسعود، وليث بن أبي سليم ضعيف عند أهل الحديث، ذكره الزيلعي (ج٢ ص٣٣٤) وسكت عليه، وأجاب ابن الهمام عن الوجه الثاني ولم يجب عن الوجه الأول وفيما أجاب به عن الوجه الثاني كلام فتفكر وأما أثر ابن عباس فقد تفرد به ابن لهيعة وهو ضعيف عند أهل الحديث، وأما حديث رفع القلم عن ثلاثة ففي الاستدلال به على عدم وجوب الزكاة في مال الصبي نظر كيف وقد رواه عائشة وعلي وهما قائلان بوجوب الزكاة في مال الصبي، وقال الزيلعي: قال ابن الجوزي والجواب أن المراد قلم الإثم أو قلم الأذى - انتهى. وقد بسط في الرد على من قاس الزكاة على الصلاة أبوعبيد في الأموال (ص٤٥٤- ٤٥٦) فأرجع إليه (رواه الترمذي) وأخرجه أيضا أبوعبيد في الأموال (ص٤٤٨) والدارقطني (ص٢٠٦) والبيهقي (ج٤ ص١٠٧)(وقال) أي الترمذي (في اسناده مقال لأن المثنى) بضم الميم وفتح المثلثة وتشديد النون مقصوراً