١٨٠٦- (٢٠) وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعاً أقرع، يفر منه صاحبه، وهو يطلبه حتى يلقمه أصابعه)) . رواه أحمد.
ــ
لذلك واستصوا به ذلك. قال الطيبي: المستثنى منه غير مذكور أي ليس الأمر شيئاً من الأشياء إلا علمي بأن أبابكر محق، فهذا الضمير يفسره ما بعده نحو قوله تعالى:{إن هي إلا حياتنا الدنيا}[الأنعام: ٢٩](فعرفت أنه الحق) أي ظهر له من صحة احتياجه لا أنه قلده في ذلك، وهذا انصاف منه رضي الله عنه ورجوع إلى الحق عند ظهوره. وفي هذا الحديث فوائد كثيرة غير ما تقدم، ذكرها الحافظ والنووي من شاء الوقوف عليها رجع إلى الفتح وشرح مسلم للنووي (متفق عليه) واللفظ للبخاري، فقد تقدم إن مسلما رواه بلفظ "عقالاً" مكان "عناقاً" والحديث أخرجه البخاري في الزكاة وفي استنابة المرتدين وفي الاعتصام، ومسلم في الإيمان، وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي في الإيمان، وأبوداود في الزكاة والنسائي فيه وفي الجهاد وفي المحاربة والبيهقي وابن حبان وغيرهم، وأخرج مالك في الموطأ طرفا من قول أبي بكر قال مالك: بلغه أن أبابكر الصديق. قال: لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه لم يزد على هذا.
١٨٠٦- قوله:(يكون كنز أحدكم) أي المال المكنوز أي المجموع أو المدفون من غير إخراج الزكاة (شجاعاً) أي يصير حية وينقلب ويتصور (يفر منه صاحبه) أي صاحب الكنز أو صاحب الشجاع، والإضافة لأدنى ملابسة (وهو) أي الشجاع (يطلبه) ولا يتركه (حتى يلقمه) من الألقام (أصابعه) لأن المانع الكانز يكتسب المال بيديه. قال السيد جمال الدين: وهو يحتمل احتمالين. أحدهما: أن يلقم الشجاع أصابع صاحب المال على أن يكون أصابعه بدلاً من الضمير، وثانيهما: أن يلقم صاحب المال الشجاع أصابع نفسه أي يجعل أصابع نفسه لقمة الشجاع تأمل - انتهى. قال الطيبي: ذكر فيما تقدم أن الشجاع يأخذ بلهزمتيه أي شدقيه، وخص هنا بألقام الأصابع، ولعل السر فيه إن المانع يكتسب المال بيديه ويفتخر بشدقيه فخصا بالذكر, أو أن البخيل قد يوصف بقبض اليد، قالوا: يد فلان مقبوضة وأصابعه مكفوفة، كما أن الجواد يوصف ببسطها. قال الشاعر:
تعود بسط الكف لو أنه ثناها بقبض لم تطعه أنامله
انتهى. قال القاري: والأظهر أن يقال كل يعذب بما هو الغالب عليه، ويحتمل أن مانع الزكاة يعذب بجميع ما مر في الأحاديث، فيكون ماله تارةً يجعل صفائح وتارةً يتصور شجاعاً أقرع يطوقه، وتارةً يتبعه ويفر منه حتى يلقمه أصابعه (رواه أحمد) وأخرجه أيضاً الحاكم (ج١ ص٣٨٩) . وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.