والفضة بخلاف الورق، فعلى هذا فقيل إن الأصل في زكاة النقدين نصاب الفضة فإذا بلغ الذهب ما قيمته مائتا درهم وجبت فيه الزكاة وهو ربع العشر كذا في الفتح وقد ورد في ذلك حديث صريح، رواه ابن حزم في المحلى (ج٦ ص١٣) من طريق أبي أويس عن عبد الله ومحمد ابن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيهما عن جدهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه كتب هذا الكتاب لعمرو بن حزم حين أمره على اليمن، وفيه بعد ذكر نصاب الفضة فإذا بلغت الذهب قيمة مائتى درهم ففي قيمة كل أربعين درهماً درهم حتى تبلغ أربعين ديناراً فإذا بلغت أربعين ديناراً ففيها دينار - انتهى. ورواه الحاكم (ج١ ص٣٩٥) مختصراً بلفظ: "فإذا بلغ قيمة الذهب مائتى درهم ففي كل أربعين درهماً درهم:" وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي وفي تصحيحيهما له نظر، فإن أباأويس هذا هو عبد الله بن أويس ابن عم مالك بن أنس وزوج أخته وهو صالح صدوق بهم. قال ابن عبد البر: لم يحك أحد عنه جرحة في دينه وأمانته، وإنما عابوه بسوء حفظه وأنه يخالف في بعض حديثه - انتهى. وأخرج له مسلم فسي الشواهد والمتابعات دون الأصول، ولم يحتج به، وقد تفرد أبوأويس بهذا اللفظ، ورواه الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وليس فيه ما ذكره أبوأويس كما تقدم. ومع ذلك فحديثه هذا مرسل لأنه عن محمد بن عمرو بن حزم جد عبد الله ومحمد ابن أبي بكر بن عمرو بن حزم فلا يصح الاحتجاج برواية أبي أويس هذه ولا الاستشهاد والاعتبار. واستدل للجمهور بأحاديث منها حديث علي رواه أبوداود من طريق ابن وهب، أخبرني جرير بن حازم وسمي آخر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا كان لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء، يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك قال فلا أدري أعليُّ يقول فبحساب ذلك أو رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال وراه شعبة وسفيان وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ولم يرفعوه - انتهى. قال الزيلعي (ج٢ ص٣٢٨) : وفيه عاصم والحارث فعاصم وثقة المديني وابن معين والنسائي، وتكلم فيه ابن حبان وابن عدي فالحديث حسن. قال النووي في الخلاصة: وهو حديث صحيح أو حسن- انتهى. ولا يقدح فيه ضعف الحارث لمتابعة عاصم له- انتهى كلام الزيلعي. وضعفه ابن حزم أولاً (ج٦ ص٧٠) ثم رجع عن ذلك حيث قال (ج٦ ص٧٤) ثم استدركنا فرأينا إن حديث جرير بن حازم مسند صحيح لا يجوز خلافه، وإن الاعتلاال فيه بأن عاصم بن ضمرة أو أن أباإسحاق أو جريراً أخلط إسناد الحارث بإرسال عاصم. هو الظن الباطل الذي لا يجوز وما علينا من مشاركة الحارث لعاصم، ولا لإرسال من أرسله ولا لشك زهير فيه شيء، وجرير ثقة فالأخذ بما أسنده لازم - انتهى. وقال الحافظ في بلوغ المرام: وهو حسن وقد اختلف في رفعه وقال في التلخيص (ص١٨٢) حديث علي هذا