فإن لم تكن إلا تسعين ومائة، فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها)) . رواه البخاري.
ــ
خمسة دراهم، ومران الاقتصار عليها للغالب (فإن لم تكن) أي الرقة التي عنده (إلا تسعين) أي درهماً (ومائة) أي دراهم، والمعنى إذا كانت الفضة ناقصة عن مائتى درهم (فليس فيها شيء) أي لا يجب إجماعاً. في شرح السنة هذا يوهم إنها إذا زادت على التسعين والمائة شيئاً قبل أن تتم مائتين كانت فيه الصدقة وليس الأمر كذلك، لأن نصابها المائتان وإنما ذكر تسعين لأنه آخر فصل أي عقد من فصول المائة والحساب، إذا جاوز المائة كان تركيبه بالفصول والعشرات والمئات والألوف، فذكر التسعين ليدل على أن لا صدقة فيما نقص عن كمال المائتين بدليل قوله عليه الصلاة والسلام:"ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة". قال الطيبي: أراد أن دلالة هذا الحديث على أقل ما نقص من النصاب، إنما يتم بحديث ليس فيما دون خمس أواق صدقة ويسمى هذا في الأصول النص المقيد بمفارقة نص آخر وينصره الحديث الآتي عن علي رضي الله تعالى عنه، وليس في تسعين ومائة شيء فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم (إلا أن يشاء ربها) أي يريد مالكها أن يعطي على سبيل التبرع فإنه لا مانع له فيها، وهذا كقوله في حديث الأعرابي في الإيمان إلا أن تطوع (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً أحمد (ج١ ص١١- ١٢) والشافعي وأبوداود والنسائي وابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي وصححه الدارقطني وابن حبان وغيرهما واعلم أن هذا الحديث أخرجه البخاري مقطعاً في عشرة مواضع من صحيحة في الزكاة في ستة مواضع، وفي الشركة، وفي الخمس، وفي اللباس، وفي ترك الحيل، مطولاً ومختصراً بسند واحد. قال حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري قال حدثني أبي قال حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس إن أنساً حدثه أن أبابكر كتب له هذا الكتاب الخ وقد انتقد عليه الدارقطني في التتبع والاستدراك حيث قال إن ثمامة لم يسمع من أنس ولا سمعه عبد الله بن المثنى من ثمامة. ثم روى عن علي بن المديني عن عبد الصمد حدثني عبد الله بن المثنى. قال دفع إلى ثمامة هذا الكتاب قال وثنا عفان ثنا حماد قال أخذت من ثمامة كتاباً عن أنس نحو هذا وكذا قال حماد بن زيد عن أيوب أعطاني ثمامة كتاباً فذكر هذا - انتهى. قال الحافظ في مقدمة الفتح: ليس فيما ذكر الدارقطني ما يقتضي إن ثمامة لم يسمعه من أنس كما صدر به كلامه فأما كون عبد الله بن المثنى لم يسمعه من ثمامة فلا يدل على قدح في هذا الإسناد بل فيه على صحة الرواية بالمناولة إن ثبت أنه يسمعه مع أن في سياق البخاري عن عبد الله بن المثنى، حدثني ثمامة إن أنساً حدثه وليس عبد الصمد فوق محمد بن عبد الله الأنصاري في الفقه، ولا أعرف بحديث أبيه منه - انتهى. وقال ابن حزم في المحلى (ج٢٠ ص٦) هذا الحديث في نهاية الصحة وعمل به أبوبكر الصديق بحضرة جميع الصحابة لا يعرف له منهم مخالف أصلاً رواه عن أبي بكر أنس وهو صاحب، ورواه عن أنس ثمامة وهو ثقة سمعه من أنس، ورواه عن ثمامة حماد بن سلمة وعبد الله بن المثنى وكلاهما ثقة وإمام. ورواه عن ابن المثنى ابنه القاضي محمد، وهو مشهور ثقة ولي قضاء البصرة، ورواه عن حماد بن سلمة يونس بن محمد (عند البيهقي وابن حزم)