١٨١٣ - (٥) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((العجما جرحها جبار،
ــ
١٨١٣- قوله: (العجماء) بفتح المهملة وسكون الجيم وبالمد تأنيث الأعجم وهي البهيمة، سميت بذلك لأنها لا تتكلم وكل من لا يقدر على الكلام أصلاً فهو أعجم ومستعجم. وعن أبي حاتم يقال: لكل من لم يبين الكلام من العرب والعجم والصغار أعجم ومستعجم، وكذلك من الطير والبهائم كلها والاسم العجمة (جرحها) بضم الجيم وفتحها والمفهوم من النهاية نقلاً عن الأزهري إنه بالفتح لا غير، لأنه مصدر وبالضم الجراحة والمراد إتلافها، قال عياض: إنما عبر بالجرح لأنه الأغلب. وقيل: هو مثال نبه به على ما عداه كذا في المرقاة. وقال السندي: جرحها بفتح الجيم على المصدر لا غير وهو بالضم اسم منه، وذلك لأن الكلام في فعلها، لا في ما حصل في جسدها من الجرح وإن حمل جرحها بالضم على جرح حصل في جسد مجروحها يكون الإضافة بعيدة، وأيضاً الهدر حقيقة هو الفعل لا أثره في المجروح فليتأمل - انتهى. ووقع في رواية للبخاري العجماء جبار، ولا بد فيه من تقدير مضاف ليصح حمل المبتدأ على الخبر، أي فعل العجماء هدر. قال الولي العراقي لا بد في هذه الرواية من تقدير إذ لا معنى لكون العجماء نفسها هدراً، وقد دل غير هذه الرواية على أن ذلك المقدر هو الجرح فوجب الرجوع إليه لكن الحكم غير مختص به بل هو مثال منه يستدل به على ما عداه كما تقدم، ولو لم تدل رواية أخرى على تعيين ذلك المقدر لم يكن لرواية البخاري هذه عموم في جميع المقدرات التي يستقيم الكلام بتقدير واحد منها هذا هو الصيح المنصور في الأصول إن المقتضى لا عموم له - انتهى. وفي رواية للبخاري أيضاً العجماء عقلها جبار. قال الزين العراقي في شرح الترمذي: ليس ذكر الجرح قيداً، وإنما المراد به إتلافها بأي وجه كان سواء كان بجرح أو غيره، والمراد بالعقل الدية أي لا دية فيما تتلفه (جبار) بضم الجيم وتخفيف الباء الموحدة أي هدر غير مضمون أي لا شيء فيه، يقال ذهب دمه جباراً أي هدراً، وعن مالك أي هدر لا دية فيه يعني الدابة المرسلة في رعيها أو المنفلتة من صاحبها ليس لها قائد ولا سائق ولا راكب، إذا جرحت أحداً أو أتلفت شيئاً وكان نهاراً فلا ضمان، وإن كان معها أحد فهو ضامن لأن الإتلاف حصل بتقصيره، وكذلك إذا كان ليلاً لأن المالك قصر في ربطها إذ العادة أن تربط الدواب ليلاً. وتسرح نهاراً كذا ذكره الطيبي وابن الملك. وفي إعراب هذه الجملة وجهان. أحدهما: أن يكون قوله "جرحها جبار" جملة من المبتدأ وخبر وهي خبر عن المبتدأ الذي هو العجماء. والثاني: أن يكون قوله "جرحها" بدلاً من "العجماء" وهو بدل اشتمال والخبر قوله "جبار" والكلام جملة واحدة والمصدر في قوله "جرحها" مضاف للفاعل أي كون العجماء تجرح غيرها غير مضمون. وقد استدل بإطلاق الحديث من قال لا ضمان فيما اتلفت البهيمة سواء كانت منفردة أو معها أحد سواء كان راكبها أو سائقها أو قائدها وهو قول الظاهرية واستثنوا ما إذا كان الفعل منسوباً إليه بأن حملها على ذلك الفعل، إذا كان راكباً كان يلوى عنانها فتتلف شيئاً