فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين تبيعاً ومن كل أربعين مسنة، ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة وتبيعاً، ومن الثمانين مسنتين ومن التسعين ثلاث أتبعة، ومن المائة مسنة وتبيعين، ومن العشرة ومائة مسنتين وتبيعاً، ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات، أو أربعة أتبعه. قال: وأمرني أن لا أخذ فيما بين ذلك شيئاً إلا أن تبلغ مسنة أو جذعاً وزعم إن الأوقاص لا فريضة فيها - انتهى. قال ابن قدامة:(ج٢ ص٥٩٣) هذا صريح في محل النزاع وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة، يدل على أن الاعتبار بهذين العددين، ولأن البقر أحد بهيمة الأنعام، ولا يجوز في زكاتها كسر كسائر الأنواع، ولا ينقل من فرض فيها إلى فرض بغير وقص كسائر الفروض، ولأن هذه زيادة لا يتم بها أحد العددين فلا يجب فيها شيء كما بين الثلاثين والأربعين، وما بين الستين والسبعين. ومخالفة قول أبي حنيفة المشهور للأصول أشد من الوجوه التي ذكرناها على أن أوقاص الإبل والغنم مختلفة، فجاز الاختلاف ههنا - انتهى. قلت: حديث معاذ المذكور أخرجه أبوأحمد ابن زنجوية في كتاب الأموال، من طريق بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم. وأخرجه أيضاً أبوعبيد في الأموال (ص٣٨٣) من هذا الطريق، إلا أنه قال عن سلمة بن أسامة إن معاذ بن جبل قال بعثني الخ ولم يذكر يحيى بن الحكم. ونقل الزيلعي عن صاحب التنقيح أنه قال: هذا أي حديث معاذ المذكور حديث فيه إرسال، وسلمة بن أسامة ويحيى بن الحكم غير المشهورين ولم يذكرهما ابن أبي حاتم في كتابة - انتهى. واعترض بعض العلماء على هذا الحديث بأن معاذاً لم يلق النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد رجوعه من اليمن، بل توفي عليه السلام قبل قدوم معاذ من اليمن. قلت: اختلفت الروايات في قدوم معاذ على النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليمن بعد أن أرسله، ففي رواية مالك من طريق طاووس عن معاذ فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يقدم معاذ، وهذا منقطع طاووس لم يدرك معاذاً. وفي حديث ابن مسعود عند الحاكم (ج٣ ص٢٧٢) وقد صححه كان معاذ شاباً سمحاً فلم يزل يدَّان حتى أغرق ماله الحديث في تأمير النبي - صلى الله عليه وسلم - له على اليمن، وفيه فلم يزل فيها حتى توفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم رجع معاذ فوافي عمر بمكة أميراً على الموسم وعن كعب بن مالك نحوه (ج٣ ص٢٧٣) وصححه أيضاً وعن جابر بمعناه (ج٣ ص٢٧٤) وسكت عنه. وروى ابن سعد من طريق أبي وائل استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذاً على اليمن فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستخلف أبوبكر ومعاذ باق باليمن ويعارض هذه الأحاديث ما روى الدارقطني (ص٢٠٢) والبيهقي (ج٤ ص٩٩) والبزار وابن حزم (ج٦ ص٦) من حديث بقية عن المسعودي عن الحكم عن طاووس عن ابن عباس قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذاً إلى اليمن الحديث. وفيه فلما رجع سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه يعني الوقص فقال: ليس فيها شيء، تفرد به بقية عن المسعودي والمسعودي قد اختلط، وتابعه الحسن بن عمارة عن الحكم، والحسن بن عمارة متروك. وما روى أبويعلى