كما تخرص النخل، ثم تؤدي زكاة زبيباً، كما تؤدي زكاة النخل تمراً)) .
ــ
على بناء المجهول من باب ضرب ونصر أي تحزر (بتقديم الزاي المعجمة على الراء المهملة) من خرص الكرمة والنخلة يخرصها خرصاً بفتح المعجمة وسكون الراء إذا قدر ما عليها من الرطب تمراً، ومن العنب زبيباً. قال السندي: الخرص هو تقدير ما على النخل من الرطب تمراً، وما على الكروم من العنب زبيباً، ليعرف مقدار عشره ثم يخلى بينه وبين مالكه، ويؤخذ ذلك المقدار وقت قطع الثمار. وحكى الترمذي عن بعض أهل العلم إن تفسيره إن الثمار إذا أدركت من الرطب والعنب مما فيه الزكاة بعث السلطان خارصاً ينظر، فيقول يخرج من هذا كذا وكذا زبيباً، أو كذا وكذا تمراُ، فيحصيه وينظر مبلغ العشر من ذلك، فيثبته عليهم ويخلى بينهم وبين الثمار، فإذا جاء وقت الجذاذ أخذ منهم العشر- انتهى. وفائدة الخرص التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها، والبيع من زهوها، وإيثار الأهل والجيران والفقراء لأن في منعهم تضييقاً لا يخفى. قال الأمير اليماني: فائدة الخرص أمن الخيانة من رب المال، ولذلك يجب عليه البينة في دعوى النقص بعد الخرص وضبط حق الفقراء على المالك ومطالبة المصدق بقدر ما خرصه وانتفاع المالك بالأكل ونحوه. وقال الخطابي: فائدة الخرص ومعناه إن الفقراء شركاء أرباب الأموال في الثمر، فلو منع أرباب الأموال من حقوقهم ومن الانتفاع بها إلى أن تبلغ الثمرة غاية جفافها لا ضرر ذلك بهم، ولو انبسطت أيديهم فيها لا خل ذلك بحصة الفقراء منها، إذا ليس مع كل أحد من التقية ما تقع به الوثيقة في أداء الأمانة، فوضعت الشريعة هذا العيار ليتوصل به أرباب الأموال إلى الإنتفاع ويحفظ على المساكين حقوقهم. وإنما يفعل ذلك عند أول وقت بدو صلاحها، قبل أن يؤكل ويستهلك ليعلم حصة الصدقة منها فيخرج بعد الجفاف بقدرها تمراً وزبيباً - انتهى. كما تخرص النخل ثم تؤدي زكاته) أي المخروص (زبيباً) هو اليابس من العنب يعني إذا ظهر في العنب وثمر النخل حلاوة يخرص على المالك ويقدر الخارص، إن هذا العنب إذا صار زبيباً كم يكون. وكذلك الرطب إذا صار تمراً كم يكون، ثم ينظر فإن كان نصاباً يجب عليه زكاته وإن لم يكن نصاباً لم يجب عليه (كما تؤدي زكاة النخل تمراً) قال الخطابي: إنما يخرص من الثمر ما يحيط به البصر بارزاً لا يحول دونه حائل، ولا يخفى موضعه في خلال ورق الشجر والعنب في هذا المعنى كثمراً النخل. فأما سائر الثمار فإنها لا تجري فيها الخرص لأن هذا المعنى فيها معدوم - انتهى. وقيل: إن حكمة جعل النخل فيه أصلاً مقيساً عليه، إن خيبر فتحت أول سنة سبع وبها نخل، وقد بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة. فخرصها فلما فتح الطائف وبها العنب الكثير أمر بخرصه كخرص النخل المعروف عندهم ذكره صاحب البيان وهو الأحسن. أو إن النخل كانت عندهم أكثر وأشهر كذا في المرقاة. والحديث دليل على مشروعية الخرص في العنب والنخل واليه ذهب أكثر أهل العلم، منهم عمر بن الخطاب وسهل بن أبي حثمة