وأمر بها أن تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة)) . متفق عليه.
ــ
روى الدارقطني عن ابن عباس مرفوعاً، أدوا صدقة الفطر عن كل صغير أو كبير ذكر أو أنثى يهودي أو نصراني حر أو مملوك - انتهى. وأجيب عنه بأنه حديث ضعيف جداً، فإن مسنده سلاماً الطويل وهو متروك وأجاب الطحاوي عن قوله من المسلمين بأنه صفة للمخرجين لا للمخرج عنهم. ورُدّ بأنه يأباه ظاهر الحديث؛ لأن فيه العبد وكذا الصغير، وهما ممن يخرج عنه فدل على أن الصفة الإسلام لا تختص بالمخرجين ويؤيده رواية مسلم بلفظ: على كل نفس من المسلمين حر أو عبد - الحديث. وقال في المصابيح: هو نص ظاهر في أن قوله من المسلمين صفة لما قبله من المنكرات المتعاطفات بأو فيندفع قول الطحاوي بأنه خطاب متوجه، معناه إلى السادة يقصد بذلك الاحتجاج لمن ذهب إلى إخراج زكاة الفطر عن العبد الكافر - انتهى. وأجاب بعض الحنفية بجواب آخر وهو أن قوله: من المسلمين لا يعتبر مفهومه المخالف عند الحنفية. قالوا: والنكتة في ذكر هذا القيد هي التنبيه على الأهم والأشراف حيث نص عليه بعد دخوله تحت الاسم المطلق. وفيه إن مسألة مفهوم المخالفة مبحث لغوي، واستعمال أهل اللغة والشرع لمفهوم الصفة وعلمهم به معلوم لكل من له علم بذلك. وأما النكنة المذكورة فلا تتمشي ههنا لما وقع في رواية لمسلم: فرض زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حر أو عبد أو رجل أو امرأة صغير أو كبير.. الخ فافهم (وأمر) أي رسول الله ` - صلى الله عليه وسلم - (بها) أي بصدقة الفطر (أن تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة) أي صلاة العيد. قال الطيبي: هذا أمر استجاب لجواز التأخير عن الخروج عند الجمهور إلى الغروب وحكى الخطابي الإجماع على هذا الاستحباب، وقال العيني: لم يحك الترمذي فيه خلافاً. وقال ابن حزم: الأمر فيه للوجوب فيحرم تأخيرها عن ذلك الوقت- انتهى. وقال الحافظ: استدل به على كراهة تأخيرها عن ذلك، وحمله ابن حزم على التحريم - انتهى. قلت: يدل الحديث على أن المادرة بها هي المطلوب المأمور بها فلو أخرها عن الصلاة أثم وخرجت عن كونها صدقة فطر، وصارت صدقة من الصدقات. وقد ورد ذلك مصرحاً عند أبي داود من حديث ابن عباس. قال: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة للصيام من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات - انتهى. قال القاري: هذا الخبر يفيد الوجوب إلا أن جماعة إدعوا إن إخراجه قبل صلاة العيد أفضل إجماعاً - انتهى. قلت ويؤكد كون الأمر للوجوب ما روى ابن عدي والدارقطني وغيرهما من حديث ابن عمر، أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم - انتهى. فإنه لا يحصل الغني للفقراء في هذا اليوم والاستراحة عن الطواف، إلا بإعطاءهم صدقة الفطر أول اليوم. فالحق عندي: هو إن الأمر في حديث الباب للوجوب لا للاستجاب والله تعالى أعلم. (متفق عليه)