للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"ألم أر برمة فيها لحم"؟ قالوا: بلى، ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصدقة. قال: "هو عليها صدقة ولنا هدية")) .

ــ

صلى الله عليه وسلم (ألم أر برمة فيها لحم) الاستفهام للتقرير (قالوا بلى ولكن ذلك لحم تصدق) بضم التاء والصاد وكسر الدال المشددة مبنياً لما لم يسم فاعله جملة في محل رفع صفة للحم (به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة) وفي رواية للبخاري أتى النبي صلى الله عليه وسلم بلحم فقالوا: هذا ما تصدق به على بريرة، وكذا في حديث أنس عند البخاري ويجمع بينهما بأنه لما سأل عنه أتى به. وقيل: له ذلك وفي رواية لعائشة عند أحمد وابن ماجه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرجل يفور بلحم. فقال من أين لك هذا قلت: أهدته لنا بريرة وتصدق به عليها، وعند أحمد ومسلم وكان الناس يتصدقون عليها فتهدى لنا منه (قال) - صلى الله عليه وسلم - (هو) أي اللحم (عليها) أي بريرة (صدقة ولنا هدية) أي حيث أهدته بريره لنا. لأن الفقير يملك ما تصدق به عليه فيسوغ له التصرف فيه بالبيع وغيره كتصرف سائر الملاك في إملاكهم وهذه هي المسألة الثالثة. وفي الحديث دليل على أن الصدقة إذا أهداها من تصدق عليه بها إلى من لا تحل له الصدقة ابتداء من هاشمي أو غني صرف عنها حكم الصدقة، وجاز للمهدي إليه استعمالها وحل له أكلها فيؤخذ منه إن التحريم إنما هو على الصفة لا على العين، وإن العين الواحدة يختلف حكمها باختلاف جهات الملك. قال الأبي: لا يقال كون الصدقة أوساخ الناس وإنها مطهرة للمال هو وصف لا يزيله عنها الهدية بها لأنا نقول كونها وسخاً ليس وصفاً ذاتياً لها حتى يقال أنه لا يزول، وإنما هو وصف حكمي جعل بالشرع، والشرع قد حكم بزواله عنها -انتهى. واستنبط، منه بعضهم جواز استرجاع صاحب الدين عين ما دفعه إلى الفقير بنية الزكاة في دين له عليه. وفيه دليل على أن الصدقة لا تحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لو حلت له لما كان لعائشة مانع من إحضار لحم بريرة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه دليل على أن الصدقة لم تحرم على موالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبه ترجم البخاري في صحيحه فقال باب الصدقة على موالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأورد فيه حديث بريرة وحديث ابن عباس وجد النبي صلى الله عليه وسلم شأة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة فقال: هلا انتفعتم بجلدها قالوا: إنها ميتة قال. إنما حرم أكلها. وأما أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فنقل ابن بطال إنهن لا يدخلن في ذلك أي لا يحرم عليهن الصدقة بإتفاق الفقهاء. قال الحافظ: وفيه نظر فقد ذكر ابن قدامة إن الخلال أخرج من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة قال: وهذا يدل على تحريمها. قال الحافظ: وإسناده إلى عائشة حسن. وأخرجه ابن أبي شيبة وهذا لا يقدح فيما نقله ابن بطال يعني لأنه لما رأى إن الفقهاء لم يذهبوا إلى هذا نقل اتفاقهم على ذلك. ولم يتعرض للدليل في ذلك. وفي قصة بريرة

<<  <  ج: ص:  >  >>