للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عل ماء قد سماه، فإذا نعم من نعم الصدقة وهم يسقون، فحلبوا من ألبانها فجعلته في سقائى فهو هذا. فأدخل عمر يده، فاستقاء)) . رواه مالك والبيهقي في شعب الإيمان.

ــ

(على ماء قد سماه) أي عينه باسمه (فإذا) المفاجأة (نعم) بفتحتين (من نعم الصدقة) وردت هذا الماء (وهم) أي الرعاة (يسقون) أي النعم من ذلك الماء (فحلبوا) وفي نسخ الموطأ الموجودة عندنا فحلبوا لي أي بزيادة لفظه لي بعد حلبوا وكذا وقع عند البيهقي من رواية مالك لكن رقم عليها في نسخ الموطأ علامة النسخة، ونقله في جامع الأصول كما في المشكاة (فجعلته) أي اللبن (في سقائى) بكسر السين (فأدخل عمر يده) أي في فمه أو حلقه (فاستقاءه) أي فتقيأه حتى أخرجه من جوفه. قال الطيبي: هذا غاية الورع والتنزه من الشبه. وقال ابن عبد البر: محمله عند أهل العلم إن الذي سقاه ليس ممن تحل له الصدقة إذ لعله غني أو مملوك فاستقاءه لئلا ينتفع به، وأصله محظور وإن لم يأته قصداً، وهذا نهاية الورع، ولعله أعطى مثل ذلك أو قيمته للمساكين. ولو كان الذي حلب له هذا اللبن مستحقاً للصدقة لما حرم على عمر قصد شربه كما لم يحرم على النبي صلى الله عليه وسلم أكل اللحم الذي تصدق به على بريرة، وقال هو عليها صدقة. ولنا هدية، وما فعله عمر ليس بواجب؛ لأنه استهلكه بالشرب ولا فائدة في قذفه إلا المبالغة في الورع. قلت: وجاء مثل هذا عن أبي بكر أيضاً. قال سعيد بن منصور: حدثنا سفيان عن ابن المنكدر إن أبابكر شرب لبناً فقيل له إنه من الصدقة فتقيأه. وروى البخاري في باب أيام الجاهلية من حديث عائشة قالت: كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج وكان أبوبكر يأكل من خراجه فجاءه يوماً بشيء فأكل منه أبوبكر فقال له الغلام تدري ما هذا؟ فقال أبوبكر: وما هو. قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة إلا إني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه، فأدخل أبوبكر يده فقاء كل شيء في بطنه. وذكر الحافظ في الفتح له عدة قصص نحو هذا وهو من كمال ورعه رضي الله عنه (رواه مالك) أي عن زيد بن أسلم إنه قال: شرب عمر بن الخطاب لبناً الخ. وهذا منقطع. ورواه الشافعي عن مالك عن زيد بن أسلم (والبيهقي في شعب الإيمان) وأخرجه أيضاً في السنن الكبرى (ج٧:ص١٤) من طريق مالك وترجم له باب الخليفة ووالي الإقليم العظيم الذي لا يلي قبض الصدقة ليس لهما في سهم العاملين عليها حق وذكر فيه أيضاً ما روى هو وسعيد ابن منصور وأبوعبيد (ص٦٠٥) من طريق سليمان بن يسار إن ابن أبي ربيعة قدم بصدقات سعى عليها، فلما قدم الحرة خرج عمر بن الخطاب فقرب إليه تمراً ولبناً وزبداً، فأكلوا وأبى عمر أن يأكل. فقال ابن ربيعة: والله أصلحك الله إنا نشرب ألبانها ونصيب منها، فقال: يا ابن أبي ربيعة! لست كهيئتك إنك تتبع أذنابها - انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>