للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

١٨٥٥ - (٤) وعن معاوية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تلحفوا في المسألة، فوالله لا يسألني أحد منكم شيئاً فتخرج له مسألة مني شيئاً، وأنا كاره، فيبارك له فيما أعطيته))

ــ

ذليلاً ساقطاً لا جاه له ولا قدر، كما يقال لفلان وجه عند الناس فهو كناية. وأن يكون قد نالته العقوبة في وجهه فعذب حتى سقط لحمه على معنى مشاكلة عقوبة الذنب مواضع الجناية من الأعضاء كقوله صلى الله عليه وسلم: رأيت ليلة أسرى بي قوماً تقرض سفاههم فقلت: يا جبريل! من هؤلاء؟ قال: هم الذين يقولون ما لا يفعلون. وأن يبعث ووجهة عظم كله فيكون ذلك علامة له وشعاراً يعرف به، وإن لم يكن من عقوبة مسته في وجهه -انتهى. قال الحافظ: الأول صرف للحديث عن ظاهره وقد يؤيده ما أخرجه الطبراني والبزار من حديث مسعود بن عمر. ومرفوعاً، لا يزال العبد يسأل وهو غني حتى يخلق وجهه فلا يكون له عند الله وجه. ومال المهلب إلى حمله على ظاهره، وإلى أن السر فيه إن الشمس تدنو يوم القيامة، فإذا جاء لا لحم بوجهه كانت أذية الشمس له أكثر من غيره قال. والمراد به من سأل تكثراً وهو غني لا تحل له الصدقة، وأما من سأل وهو مضطر فذلك مباح له فلا يعاقب عليه - انتهى. قلت: ظاهر الحديث يدل على ذم تكثير السؤال وقبحه، وإن كل مسألة تذهب من وجهه قطعة لحم حتى لا يبقى فيه شيء لقوله "لا يزال" وفهم البخاري إنه وعيد لمن يسأل تكثراً، يعني سأل ليجمع الكثير من غير احتياج إليه، فإنه ترجم له بباب من سأل تكثراً، والفرق بينهما ظاهر فقد يسأل الرجل دائماً، وليس متكثراً لدوام افتقاره واحتياجه لكن لما كان المتوعد عليه على ما تشهد به القوائد هو السائل عن غني وكثرة، وإن سؤال ذي الحاجة مباح نزل البخاري - الحديث. على من يسأل ليكثر ماله (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد (ج٢:ص١٥-٨٨) والنسائي والبيهقي (ج٤:ص١٩٦) .

١٨٥٥- قوله: (وعن معاوية) أي ابن أبي سفيان (لا تلحفوا في المسألة) مصدر بمعنى السؤال أي لا تبالغوا ولا تلحوا من الحف في المسألة إذا ألح فيها. قال تعالى: {لا يسألون الناس إلحافاً} [البقرة: ٢٧٣] واشتقاق الحف من اللحاف؛ لأنه يشتمل على وجوه الطلب كإشتمال اللحاف في التغطية (فوالله لا يسألني) أي بالإلحاف (فتخرج) بالتأنيث منصوباً ومرفوعاً والنسبة مجازية سببية في الإخراج (وأنا له) أي لذلك الشيء يعني لإعطائه أو لذلك الإخراج الدال عليه تخرج والواو للحال (فيبارك) بالنصب مجهولاً (له فيما أعطيته) أي على تقدير الإلحاف. قال الطيبي: بالنصب بعد الفاء على معنى الجمعية أي لا يجتمع إعطائي كارهاً مع البركة - انتهى. وسره إن النفوس اللاحقة بالملاء الأعلى تكون الصورة الذهنية فيها من الكراهة والرضا بمنزلة الدعاء المستجاب

<<  <  ج: ص:  >  >>