فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء تركه، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو في أمر لا يجد منه بدا)) .
ــ
والكد بالتعب والنصب. قال العراقي ويجوز أن يكون الكدح بمعنى الكد من قوله تعالى:{إنك كادح}[الانشقاق:٦] وهو السعي والحرص- انتهى. ما في قوت المغتذي (فمن شاء أبقى) أي الكدح (على وجهه) أي بالسؤال (ومن شاء تركه) أي الكدح بترك السؤال. وقال القاري:(فمن شاء) أي الإبقاء (أبقى على وجهه) أي ماء وجهه من الحياء بترك السؤال والتعفف (ومن شاء) أي عدم الإبقاء (تركه) أي ذلك الإبقاء - انتهى. وقوله "تركه" هكذا في جميع النسخ، وفي أبي داود ترك، أي بدون الضمير المنصوب. ولفظ النسائي فمن شاء كدح وجهه ومن شاء ترك. قال السندي أي الكدوح أو السؤال وهذا ليس بتخيير بل هو توبيخ مثل قوله تعالى:{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}[الكهف:٢٩](إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان) أي ذا حكم وسلطة بيده بيت المال فيسأل حقه أي ولو منع الغناء، لأن السؤال مع الحاجة دخل في قوله: أو في أمر لابد منه قال الخطابي في المعالم (ج٢:ص٦٦) قوله: إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، هو أن يسأله حقه من بيت المال الذي في يده، وليس هذا على معنى استباحة الأموال التي تحويها أيدي بعض السلاطين من غصب أملاك المسلمين - انتهى. وقال الأمير اليماني في السبل: أما سؤال الرجل من السلطان فإنه لا مذمة فيه لأنه إنما يسأل مما هو حق له في بيت المال، ولا منة للسلطان على السائل. لأنه وكيل فهو كسؤال الإنسان وكيله أن يعطيه من حقه الذي لديه، وظاهره وإن سأل السلطان تكثراً فإنه لا بأس فيه ولا إثم، لأنه جعله قسيماً للأمر الذي لا بد منه. وقد فسر الأمر الذي لا بد منه حديث قبيصة وحديث أنس، وفيه لا يحل السؤال إلا لثلاثة ذي فقر مدقع أو دم موجع أو غرم مفظع - انتهى. (أو في أمر) أي أو يسأل في أمر (لا يجد منه) أي من أجله (بدا) أي علاجاً آخر غير السؤال. وفيه دليل على جواز المسألة عند الضرورة والحاجة التي لابد عندها من السؤال كما في الحمالة والجائحة والفاقة، بل يجب حال الاضطرار في العرى والجوع. وهذا لفظ أبي داود، وعند الترمذي والنسائي في رواية أو في أمر لابد منه. قال الأمير اليماني: أي لا يتم له حصوله مع ضرورته إلا بالسؤال وحديث قبيصة مبين ومفسر للأمر الذي لابد منه - انتهى ولفظ النسائي في رواية أخرى أو شيئاً لا يجد منه بدا. قال السندي. وظاهره إنه عطف على "ذا سلطان" ولا يستقيم إذا السؤال يتعدى إلى مفعولين الشخص والمطلوب المحتاج إليه، وذا سلطان هو الأول، وترك الثاني للعموم، وشيئاً ههنا لا يصلح أن يكون الأول بل هو الثاني، إلا أن يراد بشيئاً شخصا ومعنى، لا يجد منه أي من سؤاله بدا وهو تكلف بعيد. فالأقرب أن يقال تقديره أو يسأل شيئاً الخ. وحذف ههنا المفعول الأول لقصد العموم أو يقدر يسأل ذا سلطان أي شيء كان أو غيره شيئاً لا يحدث منه بدا،