١٨٨٧- (١٤) وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خصلتان لا تجتمعان في مؤمن، البخل وسوء الخلق)) .
ــ
(والنسائي والدارمي والترمذي) في الوصايا، واللفظ للدارمي إلا قوله:إذا شبع" فإنه للترمذي ولأحمد في رواية ولفظ الدارمي بعد ما شبع وللنسائي وأحمد في رواية بعد ما شبع (وصححه) أي الترمذي وأخرجه أيضاً البيهقي (ج٤ ص٩١٠) والحاكم (ج٢ ص٢١٣) وصححه وأقره الذهبي.
١٨٨٧- قوله:(خصلتان لا تجتمعان في مؤمن) أي كامل الإيمان (البخل وسوء الخلق) قيل أي لا ينبغي أن يجتمعا فيه. وقال التوربشتي: تأويل هذا الحديث أن نقول أراد به اجتماع الخصلتين فيه مع بلوغ النهاية منهما بحيث لا ينفك عنهما، ولا ينفكان عنه، ويوجد منه الرضاء بهما، فأما الذي يؤنس عنه شيء من ذلك بحيث يبخل حيناً ويقلع عنه حيناً أو يسوء خلقه وقتاً دون وقت، أو في أمر دون أمر أو يندر منه فيندم عليه أو يلوم نفسه أو تدعوه النفس إلى ذلك فينازعها فإنه بمعزل عن ذلك، ومنه الحديث الآخر لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبداً على نحو ما ذكرنا في معنى هذا الحديث. وأرى له وجهاً آخر وهو أن نقول الشح خلة غريزية جبل عليها الإنسان فهو كالوصف اللازم له ومركزها النفس قال تعالى:{وأحضرت الأنفس الشح}[النساء: ٣٢٨] فإذا انتهى سلطانه إلى القلب واستولى عليه عرى القلب عن الإيمان لأنه يشح بالطاعة فلا يسمح به، ولا يبذل الانقياد لأمر الله تعالى، والشح بخل مع حرص فهو أبلغ في المنع من البخل، فالبخل يستعمل في الفتنة بالمال والشح في سائر ما يمتنع النفس عن الاسترسال فيه من بذل مال، أو طاعة أو معروف ووجود الشح في نفس الإنسان ليس بمذموم، لأنه طبعية خلقها الله تعالى في النفوس كالشهوة والحرص للابتلاء ولمصلحة عمار والعالم، وإنما المذموم أن يستولي سلطانه على القلب والله تعالى أعلم - انتهى كلام التوربشتي. وقال الطيبي: يمكن أن يحمل سوء الخلق على ما يخالف الإيمان فإن الخلق الحسن، هو ما به امتثال الأوامر واجتناب النواهي لا ما يتعارف بين الناس لما ورد عن عائشة رضي الله عنها وكان خلقه القرآن، وأفراد البخل من سوء الخلق وهو بعضه وجعله معطوفاً عليه، يدل على أنه أسوأها وأشنعها ويؤيد هذا التأويل حديث أبي هريرة رضي الله عنه لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبداً والله أعلم- انتهى. وقوله خصلتان لا تجتمعان في مؤمن خبر موصوف والمبتدأ البخل وسوء الخلق، قاله ابن الملك. وقال ابن حجر: "خصلتان" مبتدأ سوّغه إبدال المعرفة منه في قوله البخل وسوء الخلق والخبر لا تجتمعان" وقال القاري: الظاهر إن "لا تجتمعان" صفة مخصصة مسوغة لكون المبتدأ