للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أينا أسرع بك لحوقاً؟ قال:((أطولكن يداً، فأخذوا قصبة يذرعونها، وكانت سودة أطولهن يداً، فعلمنا بعد إنما كان طول يدها الصدقة، وكانت أسرعنا لحوقاً به زينب
ــ
ابن حبان من طريق يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: فقلت وهو يفيد إن عائشة هي السائلة (أينا) بضم التحتية المشددة بغير علامة التأنيث لأن سيبوية يشبه تأنيث أي بتأنيث كل في قولهم كلتهن، يعني ليست بفصيحة ذكره الزمخشري في سورة لقمان. وفي رواية النسائي أتينا بالتاء وأينا مبتدأ خبره (أسرع بك لحوقاً) نصب على التمييز أي من حيث اللحوق بك يعنى يدركك بالموت، والمقصود استكشاف أنه من يموت بعده - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه بلا واسطة (قال) - صلى الله عليه وسلم - (أطولكن) بالرفع خبر مبتدأ محذوف دل عليه السؤال أي أسرعكن لحوقاً بي أطولكن (يداً) نصب على التمييز وإنما لم يقل طولاكن بلفظ: فعلى مع أن القياس هذا، لأن في مثله يجوز الإفراد. والمطابقة لمن أفعل التفضيل له يعني أكثركن صدقة فإن اليد تطلق ويراد بها المنة والنعمة مجازاً (فأخذوا قصبة) بفتح القاف والصاد (يذرعونها) بالذال المعجمة أي يقدرونها بذراع كل واحدة كي يعلمن أيهن أطول جارحة يعني يقيسون أيديهن بها بناء على فهمهن، إن المراد باليد الجارحة. وإنما ذكر بلفظ: جمع المذكر والقياس ذكر لفظ جمع المؤنث اعتبار لمعنى الجمع، لا للفظ جماعة النساء أو عدل إليه تعظيماً لشأنهن كقول الشاعر:
وإن شئت حرمت النساء سواكم
(وكانت) كذا وقع في جميع النسخ الحاضرة، وفي البخاري "فكانت" أي بالفاء بدل "الواو" وكذا عند النسائي (سودة) بفتح السين بنت زمعة (أطولهن يداً) أي من طريق المساحة (فعلمنا بعد) مبني على الضم أي بعد هذا حين ماتت أو نساءه لحوقاً به. وقال القسطلاني: أي بعد إن تقرر كون سودة أطولهن يداً بالمساحة (إنما) بفتح الهمزة لكونه في موضع المفعول لعلمنا (كان طول يدها) كلام إضافي مرفوع لأنه اسم كان (الصدقة) بالنصب وقوله "كان" كذا في جميع النسخ، وفي البخاري كانت بالتأنيث. قال الحافظ: الصدقة بالرفع، وطول يدها بالنصب لأنه الخبر- انتهى. أي علمنا أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرد باليد العضو وبالطول طولها بل أراد العطاء وكثرته فاليد ههنا استعارة للصدقة، والطول ترشيح لها لأنه ملائم للمستعارة منة (وكانت أسرعنا لحوقاً به زينب) كذا في النسخ الحاضرة عندنا بذكر زينب هنا، وفي البخاري وقع بدون ذكرها كما صرح به الحافظ والعيني وغيرهما. قال ميرك: وقع في بعض نسخ المشكاة هنا بعد قوله لحوقاً به زيادة لفظ زينب ملحقاً وليس بصحيح، لأن في عامة نسخ البخاري وقع بحذفها كما صرح به الحافظ ابن حجر في شرحه - انتهى. ورواية البخاري توهم