فمن كان سخياً أخذ بغصن منها فلم يتركه الغصن حتى يدخله الجنة، والشح شجرة في النار، فمن كان شحيحاً أخذ بغصن منها، فلم يتركه حتى يدخله النار)) . رواهما البيهقي في شعب الإيمان.
١٩٠٢- (٢٩) وعن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بادروا بالصدقة
ــ
بغصن منها في الدنيا أوصله إلى أصل الجنة في العقبى كما أشار بقوله (فمن كان سخياً) أي في علم الله أو في الدنيا (أخذ بغصن منها) أي بنوع من أنواع السخاء (فلم يتركه الغصن) أي ولو آخر الأمر (حتى يدخله الجنة والشح) أي البخل (حتى يدخله النار) أي أولاً. وقيل: معنى الحديث أي السخاء يدل على قوة الإيمان لاعتقاد إن الله تعالى ضمن الرزق فمن تمسك بهذا الأصل أوصله إلى الجنة. والبخل يدل على ضعف الإيمان لعدم وثوقه بضمان الرحمن، وذلك يجره إلى دار الهوان. وفي الحديث فضل السخاء والجود وذم البخل والشح (رواهما) أي هذا الحديث والذي قبله (البيهقي) قد تقدم الكلام على الحديث الأول ومن أخرجه، وأما هذا الحديث فأخرجه أيضاً ابن عدي، وفيه داود ابن الحصين روى عن الأعرج عن أبي هريرة. قال ابن الجوزي: داود حدث عن الثقات بما لا يشبه حديث الإثبات قلت: داود هذا من رجال الستة ثقة إلا في عكرمة، ورمى برأي الخوارج قيل والبلاء هنا ممن دونه. وللحديث شواهد، منها حديث الحسن أخرجه البيهقي من طريق سعيد بن مسلمة عن جعفر بن محمد عن جده مرفوعاً. قال ابن الجوزي: سعيد بن مسلمة الأموي ليس بشيء. قال السيوطي في التعقبات: قال البيهقي إسناده ضعيف وسعيد ابن مسلمة لم يتهم بكذب، بل قال البخاري ضعيف، ووثقه ابن عدي فقال: أرجو أنه ممن لا يترك حديثه، وقد أخرج له الترمذي وابن ماجه ومثل هذا يحسن حديثه إذا توبع، وداود بن الحصين وإن كان فيه كلام إلا أنه محدث مشهور، ووثقه الجمهور. وأخرج له الأئمة الستة وأكثر ما عيب عليه الابتداع، وأنكر ابن المديني وأبوداود أحاديثه عن عكرمة خاصة. قال أبوداود: أحاديثه عن عكرمة مناكير وأحاديثه عن شيوخه مستقيمة، فهذه الطريق على انفرادها جيدة، فكيف وطريق الحسن شاهدة لها. ومنها حديث أبي سعيد أخرجه الخطيب، وفيه محمد بن مسلمة وهو ضعيف جداً، ومنها حديث جابر أخرجه الخطيب وفيه عاصم بن عبد الله وهو ضعيف، وشيخه عبد العزيز بن خالد كذاب، ومنها حديث عائشة أخرجه ابن حبان وفيه إسماعيل بن عباد متروك، وشيخه الحسين ابن علوان وضاع. ومنها حديث عبد الله بن جراد أخرجه البيهقي والخطيب وابن عساكر. قال البيهقي: ضعيف الإسناد. ومنها حديث أنس أخرجه ابن عساكر. ومنها حديث معاوية أخرجه الديلمي ذكر هذه الأحاديث السيوطي في اللآلي (ج٢ ص٤٩- ٥٠) وبسط طرقها.
١٩٠٢- قوله:(بادروا) أي بالموت أو المرض أو غيركم (بالصدقة) أي بإعطائها للمستحقين وفي