١٩٠٨-١٩٠٩- (٦-٧) وعن جابر وحذيفة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل معروف صدقة))
ــ
العاقل، وكسر التاء هنا علامة النصب. وروى بنصب الهمزة على أنه منادى مضاف وكسر التاء للخفض بالإضافة كقولهم مسجد الجامع وهو مما أضيف فيه الموصوف إلى الصفة في اللفظ فالبصريون يتأولونه على حذف الموصوف وإقامة صفته مقامه نحو يا نساء الأنفس المسلمات أو يا نساء الطوائف المؤمنات، أي لا الكافرات. وقيل: تقديره يا فاضلات المسلمات كما يقال هؤلاء رجال القوم أي أفاضلهم. والكوفيون يدعون أن لا حذف فيه ويكتفون باختلاف الألفاظ في المغايرة. (لا تحقرن) بفتح حرف المضارعة وكسر القاف وبالنون الثقيلة أي لا تستحقرن إهداء شيء (جارة) مؤنث الجار (لجارتها) متعلق بمحذوف أي لا تحقرن جارة هدية مهداة لجارتها (ولو فرسن شأة) بكسر الفاء والسين المهملة بينهما راء ساكنة وآخره نون هو عظم قليل اللحم، وهو للبعير موضع الحافر للفرس. ويطلق على الشاة مجازاً ونونه زائدة. وقيل: أصلية وأشير بذلك إلى المبالغة في إهداء الشيء اليسير وقبوله لا إلى حقيقة الفرسن، لأنه لم يجر العادة بإهداءه أي لا تمتنع جارة من الهدية لجارتها لاستقلالها وإحتقارها الموجود عندها، بل ينبغي أن تجود لها بما تيسر، وإن كان قليلاً فهو خير من العدم، وذكر الفرسن على سبيل المبالغة. ويحتمل أن يكون النهى للمهدي إليها وإنها لا تحتقر ما يهدى إليها ولو كان قليلاً، وحمله على الأعم من ذلك أولى. قال الطيبي: ويمكن أن يقال هو من باب النهى عن الشيء والأمر بضده وهو كناية عن التحابب والتوادد، كأنه قيل: لتحاب جارة جارتها بإرسال هدية ولو كانت حقيرة، ويتساوى فيه الفقير والغنى. وخص النهى بالنساء، لأنهن موارد الشنأن والمحبة ولأنهن أسرع إنفعالاً في كل منهما. وفي الحديث الحض على التهادي ولو باليسير لما فيه من استجلاب المودة وإذهاب الشحناء، ولما فيه من التعاون على أمر المعيشة والهدية إذا كانت يسيرة فهي أول على المحبة وأسقط للمؤنة وأسهل على المهدي لاطراح التكلف والكثير قد لا يتيسر كل وقت والمواصلة باليسير تكون كالكثير. وفي حديث عائشة يا نساء المؤمنين! تهادوا ولو فرسن شأة فإنه ينبت المودة ويذهب الضغائن (متفق عليه) أخرجه البخاري في أول الهبة وفي الأدب ومسلم في الزكاة، وأخرجه أيضاً أحمد في مواضع منها في (ج٢:ص٢٦٤-٣٠٧) والترمذي في الهبة.
١٩٠٨-١٩٠٩- قوله:(كل معروف صدقة) أي له حكمها في الثواب يعني ثوابه كثواب الصدقة بالمال، قال الراغب: المعروف اسم كل فعل يعرف حسنه بالشرع والعقل معاً، ويطلق على الاقتصاد لثبوت النهى عن