للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في سبيل الله، إلا استقبلته حجبة الجنة، كلهم يدعوه إلى ما عنده. قلت: وكيف ذلك؟ قال: إن كانت إبلاً فبعيرين، وإن كانت بقرة فبقرتين)) . رواه النسائي.

١٩٤٢- (٤٠) وعن مرثد بن عبد الله قال حدثني بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن ظل المؤمن يوم القيامة صدقته)) .

ــ

(في سبيل الله) أي ابتغاء وجهه ومرضاة ربه (حجبة الجنة) بفتحتين جمع حاجب أي بوابو أبوابها (كلهم يدعوه) أي كل واحد منهم. وقال القاري: أفرد الضمير للفظ كل، أو المعنى كل واحد منهم يدعوه (إلى ما عنده) أي من النعم العظام والمنح الفخام أو إلى باب هو واقف عنده بالاستدعاء والعرض والغرض أن يتشرف بدخوله منه (وكيف ذلك) أي كيف ينفق زوجين مما يتملكه بالعدد المخصوص (إن كانت إبلاً) الضمير راجع إلى كل مال باعتبار الجماعة أو باعتبار الخبر فإن الإبل مؤنث. وزاد في رواية لأحمد قبله إن كانت رجلان فرجلان وإن كانت خيلاً ففرسان (وإن كانت بقرة) كذا في النسخ الموجودة عندنا، والذي في النسائي، وإن كانت بقراً. وهكذا نقله الجزري في جامع الأصول (ج١٠ ص٣٢٠) وهكذا وقع عند أحمد (ج٥ ص١٥١) والحاكم (ج٢ ص٨٦) (فبقرتين) زاد في رواية حتى عد أصناف المال كله (رواه النسائي) في باب فضل النفقة في سبيل الله من كتاب الجهاد وأخرجه أيضاً أحمد (ج٥ ص١٥١، ١٥٣، ١٥٩) وابن حبان والحاكم (ج٢ ص٨٦) وصححه ووافقه الذهبي.

١٩٤٢-قوله: (بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لعله عقبة بن عامر رضي الله عنه فإن الحديث روى أحمد وغيره نحوه من رواية مرثد بن عبد الله عن عقبة بن عامر أيضاً (إن ظل المؤمن يوم القيامة صدقته) قال الطيبي: هذا من التشبيه المقلوب المحذوف الأداة، لأن الأصل إن الصدقة كالظل في أنها تحميه عن أذى الحر يوم القيامة، فجعل المشبه مشبهاً به مبالغة كقول الشاعر:

وبدا الصباح كأن غرته وجه الخليفة حين يمتدح

قال القاري: والأظهر إن معناه ظل المؤمن يوم القيامة صدقته، الكائنة في الدنيا أي إحسانه إلى الناس، وهو إما بأن تجسد صدقته أو يجسم ثوابها. وقد تخص الصدقة بمالها ظل حقيقي كثوب وخيمة كما ورد في بعض الأخبار- انتهى. قلت: ويؤيد هذا المعنى ما روى عن عقبة بن عامر عند أحمد (ج٤ ص١٤٧) وابن خزيمة وابن حبان والحاكم (ج١ ص٤١٦) كل امرىء في ظل صدقته حتى يقضي بين الناس، أو قال يحكم بين الناس. قال الأمير اليماني: كون الرجل في ظل صدقته يحتمل الحقيقة، وأنها تأتي أعيان الصدقة فتدفع عنه حر الشمس،

<<  <  ج: ص:  >  >>