١٩٧٨- (٣) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
ــ
فكان حق المصنف أن يقول رواه البخاري، ثم يشير إلى الرواية المتفق عليها، وهذه الرواية أخرجها أيضاً أحمد (ج٥ ص٣٣٣، ٣٣٥) والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن ماجه والبيهقي وغيرهم بألفاظ متقاربة، وزاد بعضهم ومن دخله لم يظمأ أبداً.
١٩٧٨ – قوله:(من صام رمضان) بنصبه على الظرفية أي فيه بأن صامه كله عند القدرة عليه أو بعضه عند عجزة ونيته الصوم لولا العجز (إيماناً) تصديقاً بأنه فرض عليه حق وأنه من أركان الإسلام ومما وعدالله عليه من الأجر والثواب قاله السيوطي. قيل نصبه على أنه مفعول لأجله أي لأجل الإيمان بالله ورسوله، والإيمان بما جاء به في فضل رمضان والأمر بصيامه أي الحامل له على ذلك، والداعي إليه هو الإيمان بالله، أو بما ورد في فضله وفرضية صومه. وقيل: نصبه على الحال بأن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل أي مؤمناً يعني مصدقاً بأنه حق وطاعة، أو مصدقاً بما ورد في فضله وقيل: نصبه على التمييز أو على المصدرية أي صوم إيمان أو صوم مؤمن وكذا قوله (واحتساباً) أي طلباً للثواب منه تعالى في الآخرة أو إخلاصاً أي باعثه على الصوم ما ذكر لا الخوف من الناس ولا الإستحياء منهم ولا قصد السمعة والرياء عنهم. وقال الخطابي: احتساباً أي نية وعزيمة وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذلك غير كاره له ولا مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه ولكن يغتنم طول أيامه لعظم الثواب. وقال البغوي: قوله: احتساباً أي طلباً لوجه الله تعالى وثوابه، يقال فلان يحتسب الأخبار ويتحسسها أي يتطلبها - انتهى. وفي العباب أحتسبت بكذا أجراً عند الله أي أعتددته أنوى به وجه الله تعالى ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: من صام رمضان إيماناً واحتساباً (غفر له ما تقدم من ذنبه) اسم جنس مضاف فيتناول جميع الذنوب إلا أنه مخصوص عند الجمهور بالصغائر، وقد تقدم البحث في ذلك في كتاب الطهارة، وقوله " من ذنبه" يتعلق بقوله غفر أي غفر من ذنبه ما تقدم، ويجوز أن تكون من البيانية لما تقدم وهو منصوب المحل على المفعولية على الوجه الأول، ومرفوع المحل على أنه مفعول لما يسم فاعله على الوجه الثاني وزاد النسائي في السنن الكبرى من طريق قتيبة بن سفيان وما تأخر، وقد تابع قتيبة على هذه الزيادة جماعة ذكرها الحافظ في أوائل الصيام وأواخره من الفتح، وفيه رد على من أدعى تفرد قتيبة بهذه الزيادة كالمنذري أو استنكرها كابن عبد البر. وقد استشكلت هذه الزيادة بأن المغفرة تستدعى سبق ذنب والمتأخر من الذنوب لم يأت بعد فكيف يغفر. وأجيب بأن معناه إن ذنوبهم تقع مغفورة. وقيل هو كناية عن حفظ الله إياهم في المستقبل من الكبائر