ما كان في الأسنان من التغير. وقال البرقي: هو تغير طعم الفم وريحه لتأخر الطعام. وقال عياض: هو ما يخلف بعد الطعام في الفم من ريحه كريهة لخلاء المعدة من الطعام (أطيب عند الله من ريح المسك) أي صاحب الخلوف عند الله أطيب وأكثر قبولاً ووجاهة وأزيد قرباً منه تعالى من صاحب المسك بسبب ريحه عندكم وهو تعالى أكثر إقبالاً عليه بسببه من إقبالكم على صاحب المسك بسببه. وفي لفظ لمسلم والنسائي أطيب عند الله يوم القيامة، وقد وقع خلاف بين ابن الصلاح وابن عبد السلام في أن أطيب رائحة الخلوف هل هو في الدنيا والآخرة أو في الآخرة فقط. فذهب ابن عبد السلام إلى أنه في الآخرة كما في دم الشهيد. واستدل برواية مسلم والنسائي هذه. وروى أبوالشيخ بإسناد فيه ضعف عن أنس مرفوعاً يخرج الصائمون من قبورهم يعرفون بريح أفواههم أفواههم أطيب عندالله من ريح المسك وذهب ابن الصلاح إلى أن ذلك في الدنيا والآخرة جميعاً، واستدل بحديث ولخلوف فم الصائم حين يخلف من الطعام أطيب عند الله من ريح المسك. قال الولي العراقي: هذه الرواية ظاهرة في أن طيبة في تلك الحالة، وحمله على أنه سبب للطيب في حالة مستقبلة تأويل مخالف للظاهر، ويؤيده ما روى الحسن بن سفيان في مسنده والبيهقي في الشعب من حديث جابر في أثناء حديث مرفوع في فضل هذه الأمة في رمضان. وأما الثانية فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك. قال المنذري: إسناده مقارب وحسنه أبوبكر السمعاني في أمالية قال وذهب جمهور العلماء إلى ذلك كالخطابي وابن عبد البر والبغوي في شرح السنة والقدوري من الحنفية، والداودي من قدماء المالكية وأبي عثمان الصابوني وأبي بكر السمعاني وأبي حفص الصفار الشافعيين في أماليهم وأبي بكر بن العربي. قال فهؤلاء أئمة المسلمين شرقاً وغرباً لم يذكروا سوى ما ذكرته ولم يذكر أحد وجهاً تخصيصاً بالآخرة بل جزموا بأنه عبارة عن الرضا والقبول ونحوهما مما هو ثابت في الدنيا والآخرة. قال: وأما ذكر يوم القيامة في تلك الرواية فلأنه يوم الجزاء. وفيه يظهر رجحان الخلوف في الميزان على المسك المستعمل لدفع الرائحة الكريهة طلباً لرضا الله تعالى حيث يؤمر بإجتنابها فقيده بيوم القيامة في رواية، وأطلق في باقي الروايات نظراً إلى أن أصل أفضليته ثابت في الدارين وهو كقوله إن ربهم بهم يومئذٍ لخبير وهو خير بهم في كل يوم - انتهى. واستشكل كون الخلوف أطيب عندالله من ريح المسك من جهة أن الله تعالى منزه عن استطابة الروائح الطيبة واستقذار الروائح الخبيثة فإن ذلك من صفات الحيوان مع أن الله يعلم الأشياء على ما هي عليه وأجيب عن ذلك بوجوه منها إنه مجاز واستعارة؛ لأنه جرت عادتنا بتقريب الروائح الطيبة منا، فاستعير ذلك في الصوم لتقريبه من الله. قال المازري: فيكون المعنى إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك عندكم أي يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم وذكر ابن عبد البر نحوه ومنها إن المراد الله تعالى يجزيه في الآخرة فتكون نكهته أطيب