وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله.
ــ
"الصيام جنة، لأنه يقى شر الشيطان والنفس ويبعد الإنسان من تأثيرهما ويخالفه عليهما فلذلك كان من حقه تكميل معنى الجنة بتنزيه لسانه عن الأقوال والأفعال الشهوية، وإليه أشار بقوله: فلا يرفث والسبعية وإليه الإشارة في قوله: ولا يصخب وإلى الأقوال بقوله سابه وإلى الأفعال بقوله قاتله - انتهى. قال الحافظ: وفي زيادة أبي عبيدة إشارة إلى أن الغيبة تضر بالصوم، وقد حكى عن عائشة وبه قال الأوزاعي إن الغيبة تفطر الصائم وتوجب عليه قضاء ذلك اليوم وأفرط ابن حزم فقال يبطله كل معصية متعمد لها ذاكر لصومه سواء كانت فعلاً أو قولاً لعموم قوله "فلا يرفث ولا يجهل" ولقوله في الحديث الآتي (في باب تنزيه الصوم) من لم يدع قول الزور والعمل به الخ. والجمهور وإن حملوا النهي على التحريم إلا أنهم خصوا الفطر بالأكل والشرب والجماع - انتهى. كلام الحافظ (وإذا) وفي بعض النسخ فإذا كما في صحيح مسلم أي إذا عرفت ما في الصوم من الفضائل الكاملة والفوائد الشاملة (كان يوم صوم أحدكم) برفع يوم على أن كان تامة. وقيل: بالنصب فالتقدير إذا كان الوقت يوم صوم أحدكم (فلا يرفث) بالمثلثة وبتثليث الفاء قاله الزركشي والقسطلاني والعيني وكذلك في القاموس. والرفث، بفتح الراء، والفاء يطلق، ويراد به الجماع. ومقدماته، ويطلق. ويراد به الفحش. ويطلق ويراد به خطاب الرجل والمرأة، فيما يتعلق بالجماع. وقال كثير من العلماء: إن المراد به في هذا الحديث الفحش وردى الكلام وقبيحه. وقيل: يحتمل أن يكون النهي لما هو أعم من ذلك (ولا يصخب) بالصاد المهملة والخاء المعجمة المفتوحة أي لا يصيح ولا يخاصم. وقيل: أي لا يرفع صوته بالهذيان وفي رواية للشيخين ولا يجهل مكان قوله ولا يصخب أي لا يفعل شيئاً من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه والسخرية ونحو ذلك، وفي رواية سعيد بن منصور ولا يجادل وهذا كله ممنوع على الإطلاق لكنه يتأكد بالصوم. ولذا قال القرطبي: لا يفهم من هذا إن غير يوم الصوم يباح فيه ما ذكر وإنما المراد إن المنع من ذلك يتأكد بالصوم (فإن سابه أحد) وفي رواية للشيخين شاتمة أي خاصمة باللسان (أو قاتله) قال عياض: قاتله أي دافعه ونازعه ويكون بمعنى شاتمة ولاعنه وقد جاء القتل بمعنى اللعن وفي رواية سعيد بن منصور أو ما رأه أي جادله ولأبي قرة وإن شتمه إنسان فلا يكلمه وقد استشكل ظاهر لفظ الكتاب؛ لأن المفاعلة تقتضي وقوع الفعل من الجانبين والصائم مأمور. بأن يكف نفسه عن ذلك، ولا تصدر منه الأفعال التي رتب عليها الجواب خصوصاً المقاتلة والجواب عن ذلك إن المراد بالمفاعلة التهيؤ لها أي إن تهيأ أحد لمقاتلته أو مشاتمته فليقل إني صائم فإنه إذا قال ذلك أمكن أن يكف عنه، فإن أصر دفعه بالأخف فالأخف كالصائل هذا فيمن يروم مقاتلته حقيقة، فإن كان المراد بقوله قاتله لاعنه، فالمراد بالحديث إنه لا يعامله بمثل