للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رواه أحمد، والنسائي.

١٩٨٣- (٨) وعن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه. ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان)) .

ــ

أي فقد حرم خيراً لا يقادر قدره (رواه أحمد) (ج٢ ص٢٣٠) (والنسائي) كلاهما من طريق أبي قلابة عن أبي هريرة. قال الشيخ أحمد شاكر في شرح المسند (ج١٢ ص١٣٤) : إسناده صحيح. وقال المنذري في الترغيب: ولم يسمع أبوقلابة منه فيما أعلم، وفي تهذيب التهذيب يقال أنه لم يسمع من أبي هريرة، وتعقب هذا الشيخ أحمد شاكر فقال لم أجد ما يؤيد هذا أي القول بعدم سماعه منه، وأبوقلابة لم يعرف بتدليس والمعاصرة كافية في الحكم بوصل الإسناد- انتهى.

١٩٨٣- قوله: (وعن عبد الله بن عمرو) بالواو رضي الله عنهما (الصيام) أي صيام رمضان. وقيل: مطلقاً (والقرآن) أي قراءة القرآن. قال الطيبي: القرآن ههنا عبارة عن التهجد والقيام بالليل كما عبر به عن الصلاة في قوله تعالى: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً} [الإسراء:٧٨] وإليه الإشارة بقوله: "ويقول القرآن منعته النوم بالليل- انتهى. (يشفعان) بفتح الياء وسكون المعجمة وفتح الفاء. قيل: يحتمل تجسيدهما وخلق النطق فيهما فإن المعاني والأعمال تتجسم يوم القيامة، ويحتمل إرسال ملك ينطق على لسانهما، ويحتمل المجاز والتمثيل أي يشفعان بلسان الحال. قال الطيبي: الشفاعة والقول من الصيام والقرآن إما أن يؤل أو يجري على ما عليه النص وهذا هو المنهج القويم والصراط المستقيم، فإن العقول البشرية تتلاشى وتضمحل عن إدراك العوالم الإلهية. ولا سبيل لنا إلا الأذعان له والإيمان به، ومن تأول ذهب إلى أنه استعيرت الشفاعة والقول للصيام والقرآن لإطفاء غضب الله وإعطاء الكرامة ورفع الدرجات والزلفى عند الله - انتهى. قلت: من تأول الحديث وحمله على المجاز والاستعارة والتمثيل إنما ذهب إلى ذلك لما زعم إن الأعمال أعراض، والعرض لا يكون قائماً بالذات بل بالغير وهو أمرآني لا يبقى بل يفنى فلا يمكن أن يؤذن أو يكال وهذا شيء قد أبطله الفسلفة الحديثة اليوم، وحققت إن الأعمال والأصوات والأنوار تبقى، ويمكن أن تحفظ وتخزن وتوزن وتكال فالحق والصواب، أن يحمل الحديث ظاهره. ويقال: إن الصيام والقرآن يشفعان بالقول حقيقة (أي رب) أي يا رب! (والشهوات) من عطف الأعم (بالنهار) كله (فشفعني) بالتشديد أي أقبل شفاعتي (فيه) أي في حقه (ويقول القرآن) لما كان القرآن كلامه تعالى غير مخلوق لم يقل أي رب (فيشفعان) بضم أوله وشدة الفاء المفتوحة مجهولاً أي يشفعهما الله

<<  <  ج: ص:  >  >>