فقال لا تصوموا (حتى تروا الهلال) أي هلال رمضان وهذا إذا لم يكمل شعبان ثلاثين يوماً فيجب الصوم عن رمضان، وإن لم يروا هلاله، ثم إنه يتعلق بالحديث أمور يجب التنبيه عليها. الأول إن ظاهره اشتراط رؤية الجميع من المخاطبين، لكن قام الإجماع على عدم وجوب ذلك، بل المراد رؤية بعضهم وهو من يتحقق به الرؤية ويثبت. والمعنى حتى يثبت عندكم رؤية الهلال. قال الحافظ: ليس المراد تعليق الصوم بالرؤية بعضهم، وهو من يثبت به ذلك. أما واحد على رأي الجمهور أو اثنان على رأي أخرين، ووافق الحنفية على الأول إلا أنهم خصوا ذلك بما إذا كان في السماء علة من غيم وغيره، وإلا متى كان صحو لم يقبل إلا من جميع كثير يقع العلم بخبرهم - انتهى. وسيأتي بسط الكلام فيه. الثاني إن ظاهره الصوم من وقت الرؤية لكن ليس ذلك بمراد كما أنه ليس المراد الإفطار من وقت الرؤية، حتى يلزم أن يفطر قبل الغروب، إذا رأى الهلال في ذلك الوقت. بل المراد الإفطار والصوم على الوجه المشروع، فلا بد في كل منهما من معرفة ذلك الوقت. قال الحافظ: ظاهر الحديث إيجاب الصوم حين الرؤية متى وجدت ليلاً أو نهاراً، لكنه محمول على صوم اليوم المستقبل. وبعض العلماء، فرق بين ما قبل الزوال أو بعده، خالف الشيعة الإجماع فأوجبوه مطلقاً - انتهى. قلت: فرق بين ما قبل الزوال وبعده الثوري وأبويوسف وروى ذلك عن عمر. قال الباجي: لا خلاف بين الناس إنه إذا رؤى بعد الزوال فإنه لليلة القادمة. وأما إذا رؤى قبل الزوال فإن مالكاً والشافعي وأباحنيفة وجمهور الفقهاء يقولون: إنه لليلة القادمة لحديث أبي وائل أتانا كتاب عمر أن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهاراً فلا تفطروا حتى يشهدو رجلان أنهما أهلاه بالأمس. وقال الثوري وابن وهب وأبويوسف وابن حبيب للماضية لما رواه النخعي عن عمر إذا رأيتم الهلال قبل الزوال فافطروا، وإذا رأيتموه بعده فلا تفطروا وهذا مفصل والأول مجمل لأنه قال نهاراً، لكن قال ابن عبد البر والأول أصح لأنه متصل والثاني منقطع فالنخعي لم يدرك عمر. قال الباجي: قال أبوبكر بن الجهم هذا لا يثبت عن عمر رواه شباك وهو مجهول قال وهذا الخلاف إنما هو إذا رؤي في يوم ثلاثين ولا يصح أن يصح أن يكون قبل ذلك - انتهى. وبسط الكلام في ذلك الشامي في رد المختار (ج٢ ص١٣٠) وابن رشد في البداية (ج١ ص١٩٤) وابن قدامة في المغنى (ج٣ ص١٦٨) . الثالث إنه جعل تحقق الرؤية غاية لعدم الصوم فلو ثبتت الرؤية لليلة الماضية وجبت الصوم من حين ثبوتها. قال ابن قدامة (ج٣ ص١٣٣) إذا أصبح مفطراً يعتقد أنه من شعبان فقامت البينة بالرؤية لزمه الإمساك والقضاء في قول عامة الفقهاء، إلا ما روى