للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة. ثم قال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا وهكذا يعني تمام الثلاثين.

ــ

ولا كتابة أي فلذلك ما كلفنا الله تعالى بحساب أهل النجوم ولا بالشهور الشمسية الخفية بل كلفنا بالشهور القمرية الجلية لكنها مختلفة كما بين بالإشارة مرتين فالعبرة حينئذٍ للرؤية. وقيل: منسوب إلى أم القرى وهي مكة أي أنا أمة مكية (لا نكتب ولا نحسب) بضم السين من باب نصر، وهذا تفسير وبيان لكونهم أمة أمية أي لا نعرف حساب النجوم وتسييرها فلم نكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عبادتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة إنما ربطت عبادتنا بأعلام واضحة وأمور ظاهرة لائحة يستوي في معرفة الحُسّاب وغيرهم. قال الحافظ: قيل للعرب أميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة قال الله تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم} [الجمعة:٢] ولا يرد على ذلك أنه كان فيهم من يكتب ويحسب لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة. والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضاً إلا النذر اليسير فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التيسير، واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً، ويوضحه قوله في الحديث الماضي فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ولم يقل فسلوا أهل الحساب. والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم، وقد ذهب قوم إلى الرجوع إلى أهل التسيير في ذلك وهم الروافض، ونقل عن بعض الفقهاء موافقتهم. قال الباجي: وإجماع السلف الصالح حجة عليهم. وقال ابن بزيزة: هو مذهب باطل فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب مع أنه لو أربط الأمر بها لضاق إذ لا يعرفها إلا القليل - انتهى. ثم تمم عليه الصلاة والسلام المعنى المذكور بإشارته بيده من غير لفظ إشارة يفهمها الأخرس والأعجمي (الشهر) مبتدأ (هكذا) مشار بها إلى نشر الأصابع العشر (وهكذا) ثانياً (وهكذا) ثالثاً خبره بالربط بعد العطف (وعقد الإبهام) أي أحد الإبهامين أو التقدير من إحدى اليدين أو إبهام اليمين على أن اللام عوض عن المضاف إليه (في الثالثة) أي في المرة الثالثة من فعله هكذا فصار الجملة تسعة وعشرين (ثم قال الشهر) أي تارة أخرى (هكذا وهكذا وهكذا) قال الطيبي: أي عقد الإبهام في المرة الأولى في الثالثة ليكون العدد تسعاً وعشرين، ولم يعقد الإبهام في المرة الثانية ليكون العدد ثلاثين. وقال الحافظ: أي أشار أولاً بأصابع يديه العشر جميعاً مرتين وقبض الإبهام في المرة الثالثة، وهذا المعبر عنه بقوله (وفي الرواية الأخرى) تسع وعشرون. وأشار مرة أخرى بهما ثلاث مرات وهو المعبر عنه بقوله ثلاثون (يعني تمام الثلاثين) تفسير من الراوي لفعله عليه الصلاة والسلام هكذا وهكذا وهكذا في المرة الأخيرة. والتقدير قال الراوي يعني أي يريد - صلى الله عليه وسلم - بكونه هنا لم يعقد

<<  <  ج: ص:  >  >>