على الدوام أي لا تداوموا على التقدم لما فيه من إبهام لحوق هذا الصوم برمضان إلا لمن يعتاد المداومة على صوم آخر الشهر مثلاً فإنه لو داوم عليه لا يتوهم في صومه اللحوق برمضان والله تعالى أعلم. انتهى كلام السندي. وقال الأمير اليماني: الحديث دليل على تحريم صوم يوم أو يومين قبل رمضان. ثم ذكر كلام الترمذي المتقدم ثم قال وقوله لمعنى رمضان تقييد للنهي بأنه مشروط بكون الصوم احتياطاً، لا، لو كان الصوم صوماً مطلقاً كالنفل المطلق والنذر ونحوه، قلت:(قائله الأمير اليماني) ولا يخفى أنه بعد هذا التقييد يلزم منه جواز تقدم رمضان بأي صوم كان وهو خلاف ظاهر النهي فإنه عام لم يستثن منه إلا صوم من اعتاد صوم أيام معلومة ووافق ذلك آخر يوم من شعبان، ولو أراد صلى الله عليه وسلم الصوم المقيد بما ذكر لقال إلا متنفلاً أو نحوه هذا اللفظ، وإنما نهى عن تقدم رمضان لأن الشارع قد علق الدخول في صوم رمضان برؤية هلاله فالمتقدم عليه مخالف للنص أمراً ونهياً _ انتهى. وقال الحافظ: وفي الحديث رد على من قال بجواز صوم النفل المطلق وأبعد من قال المراد بالنهي التقدم بنية رمضان واستدل بلفظ التقدم لأن التقدم على الشيء بالشيء إنما يتحقق إذا كان من جنسه فعلى هذا يجوز الصيام بنية النفل المطلق لكن السياق يأبى هذا التأويل ويدفعه - انتهى. وقد اختلف في الحكمة في النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين فقيل: هي الخوف من أن يزاد في رمضان ما ليس منه كما نهى عن صيام يوم العيد لذلك حذراً مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم، فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم وقيل: هي التقوى على صيام رمضان ليدخل فيه بقوة ونشاط فإن مواصله الصيام تضعف عن صيام الفرض، وفيه نظر لأن مقتضى الحديث إنه لو تقدمه بصوم ثلاثة أيام فصاعداً جاز وسنذكر ما فيه. وقيل: الحكمة فيه خشية اختلاط النفل بالفرض، وفيه نظر أيضاً لأنه يجوز لمن له عادة كما في الحديث. وقيل لزوم التقدم بين يدي الله ورسوله، فإنه عليه الصلاة والسلام قد علق الصوم بالرؤية فهو كالعلة للحكم فمن تقدمه بصوم يوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم. قال الحافظ: وهذا هو المعتمد. ومعنى الاستثناء إن من كان له ورد فقد أذن له فيه لأنه اعتاده وألفه، وترك المألوف شديد وليس ذلك من استقبال رمضان في شيء ويلتحق بذلك القضاء والنذر لوجوبهما. قال بعض العلماء يستثنى القضاء والنذر بالأدلة القطعية على وجوب الوفاء بهما فلا يبطل القطعي بالظني. وفي الحديث إبطال لما يفعله الرافضة والباطنية من تقدم الصوم بيوم أو يومين قبل رؤية هلال رمضان، وزعمهم إن اللام في قوله (صوموا لرؤيته) في معنى مستقبلين لها، وذلك لأن الحديث يفيد أن اللام لا يصح حملها على هذا المعنى وإن وردت له في مواضع. ومفهوم الحديث جواز الصوم إذا كان التقدم بأكثر من يومين. وقيل: يمتد المنع لما قبل ذلك، وبه قطع