شعبان فلا تصوموا، وللدارمي إذا كان النصف من شعبان فامسكوا عن الصوم، وعند ابن ماجه (فلا صوم حتى يجيء رمضان) . قال ابن القطان في كتابه: روى فأمسكوا كما تقدم، وروى فكفوا (عند النسائي في الكبرى) وبين هذين اللفظين ولفظ الترمذي وأبي داود فرق، فإن هذين اللفظين لمن كان صائماً عن التمادي في الصوم. ولفظ الترمذي نهى لمن كان صائماً ولمن لم يكن صائماً عن الصوم بعد النصف ذكره الزيلعي. قال القاري: والنهي للتنزيه رحمة على الأمة أن يضعفوا عن حق القيام بصيام رمضان على وجه النشاط، وأما من صام شعبان كله فيتعود بالصوم ويزول عنه الكلفة. ولذا قيد بالإنتصاف أو نهي عنه لأنه نوع من التقدم والله أعلم. قال القاضي: المقصود استجمام من لا يقوى على تتابع الصيام فاستجب الإفطار كما استحب إفطار عرفة ليتقوى على الدعاء. فأما من قدر فلا نهي له ولذا جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الشهرين في الصوم - انتهى. قال القاري: وهو كلام حسن لكن يخالف مشهور مذهبه أن الصيام بلا سبب بعد نصف شعبان مكروه. وقال المنذري: من قال إن النهي عن الصيام بعد النصف من شعبان لأجل التقوى على صيام رمضان والاستجمام له، فقد أبعد. فإن نصف شعبان إذا أضعف كان كل شعبان أحرى أن يضعف، وقد جوز العلماء صيام جميع شعبان. وفي شرح ابن حجر المكي. قال بعض أئمتنا: يجوز بلا كراهة الصوم بعد النصف مطلقاً تمسكاً بأن الحديث غير ثابت أو محمول على من يخاف الضعف بالصوم ورده المحققون بما تقرر بأن الحديث ثابت بل صحيح، وبأنه مظنة للضعف وما نيط بالمظنة لا يشترط فيه تحققها - انتهى. (رواه أبوداود) الخ وأخرجه أيضاً أحمد والبيهقي كلهم من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة. قال الترمذي: حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ - انتهى. وصححه ابن حبان أيضاً. وقال أحمد وابن معين: إنه منكر كما تقدم. وقال أبوداود، في سننه: وكان عبد الرحمن يعني ابن مهدي لا يحدث به. قلت: لأحمد لم قال لأنه كان عنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصل شعبان برمضان، وقال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافة. قال أبوداود: وليس هذا عندي خلافة ولم يجيء به غير العلاء عن أبيه - انتهى. وقال المنذري في تلخيصه: حكى أبوداود عن الإمام أحمد أنه قال هذا حديث منكر. قال: وكان عبد الرحمن يعني ابن المهدي لا يحدث به، ويحتمل أن يكون الإمام أحمد إنما أنكره من جهة العلاء بن عبد الرحمن فإن فيه مقالاً لائمة هذا الشأن قال، والعلاء بن عبد الرحمن وإن كان فيه مقال فقد حدث عنه الإمام مالك مع شدة انتقاده للرجال وتحريه في ذلك، وقد احتج به مسلم في صحيحه، وذكر له أحاديث انفرد بها رواتها. وكذلك فعل البخاري أيضاً وللحفاظ في الرجال مذاهب فعل كل منهم ما أدى إليه اجتهاده من القبول والرد رضي الله عنهم انتهى كلام المنذري. قال شيخنا في شرح الترمذي: الحق عندي إن الحديث صحيح والله تعالى أعلم.