إلى مسألة من طريقها فأشرف عليه، لأن الفطر ضد الصوم والإمساك ركن الصوم، فأشبه ما لو نسي ركعة من الصلاة وسيأتي الجواب عن هذا الاستدلال. واعتذر المالكية عن حديث الباب بوجوه. منها إن المراد فليتم إمساكه عن المفطرات يعني إن الصوم محمول على معناه اللغوي فيكون أمراً بالإمساك بقية يومه كالحائض إذا طهرت في أثناء اليوم وهو مدفوع أولاً، بأن الاتفاق على أن الحمل على المفهوم الشرعي حيث أمكن في لفظ الشارع واجب، فإن قيل يجب ذلك الدليل على البطلان وهو القياس الذي تقدم ذكره، قلنا حقيقة النص مقدم على القياس لو تم فكيف وهو لا يتم، فإنه لا يلزم من البطلان مع النسيان فيما له هيئة مذكرة البطلان معه فيما لا مذكر له وهيئة الإحرام والاعتكاف والصلاة مذكرة فإنها تخالف الهيئة العادية ولا كذلك الصوم والنسيان غالب للإنسان، فلا يلزم من عدم عذره بالنسيان مع تلك عدم عذره به مع الصوم. وثانياً، بأن نفس اللفظ يدفعه وهو قوله "فليتم صومه" وصومه إنما كان الشرعي فإتمام ذلك إنما يكون بالشرعي. وثالثاً: بما ورد من نفي القضاء صريحاً كما سيأتي. ومنها إنه محمول على التطوع حكاه ابن التين عن ابن شعبان، وكذا قال ابن القصار: واعتل بأنه لم يقع في الحديث تعيين رمضان فيحمل على التطوع. ومنها أنه محمول على رفع الإثم وسقوط المؤاخذة. قال القرطبي: احتج بالحديث من أسقط القضاء، وأجيب بأنه لم يتعرض فيه للقضاء فيحمل على سقوط المؤاخذة لأن المطلوب صيام يوم لا خرم فيه. ومنها إن المراد منه سقوط الكفارة عنه. قال المهلب وغيره: لم يذكر في الحديث إسقاط القضاء فيحمل على سقوط الكفارة عنه وإثبات عذره ورفع الإثم عنه وبقاء نيته التي بيتها - انتهى. والجواب عن ذلك كله بما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم (ج١ ص٤٣٠) وصححه والدارقطني (ص٢٣٧) والطبراني في الأوسط والبيهقي (ج٤ ص٢٢٩) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ: من أفطر في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة فعين رمضان وصرح بإسقاط القضاء، وقد انفرد بذكر إسقاط القضاء الأنصاري وهو ثقة. وأخرجه النسائي من طريق علي بن بكار عن محمد بن عمرو، ولفظه في الرجل يأكل في شهر رمضان ناسياً فقال الله أطعمه وسقاه. وقد ورد إسقاط القضاء من وجه آخر عن أبي هريرة، أخرجه الدارقطني من رواية محمد بن عيسى بن الطباع عن ابن علية عن هشام عن ابن سيرين ولفظه فإنما هو رزق ساقه الله إليه ولا قضاء عليه. وقال: بعد تخريجه هذا إسناد صحيح وكلهم ثقات. قال الحافظ: ولكن الحديث عند مسلم وغيره من طريق ابن علية وليس فيه هذه الزيادة، وروى الدارقطني أيضاً إسقاط القضاء من رواية أبي رافع وأبي سعيد المقبري والوليد بن عبد الرحمن وعطاء بن يسار كلهم عن أبي هريرة وأخرج (ص٢٣٧) أيضاً (وكذا الطبراني في الأوسط) من حديث أبي سعيد رفعه من أكل