بهذا على جواز هذا الفعل، والقول ممن وقعت له معصية، ويفرق بذلك بين مصيبة الدين والدنيا، فيجوز في مصيبة الدين لما يشعر به الحال من شدة الندم. وصحة الإقلاع، ويحتمل أن تكون هذه الواقعة قبل النهي عن لطم الخدود وحلق الشعر عند المصيبة قاله الحافظ. ووقع في حديث عائشة عند البخاري وغيره احترقت واستدل به على أنه كان عامداً؛ لأن الهلاك والاحتراق مجاز عن العصيان المؤدى إلى ذلك فكأنه جعل المتوقع كالواقع وبالغ فعبر عنه بلفظ الماضي، وإذا تقرر ذلك فليس فيه حجة على وجوب الكفارة على الناسي وهو مشهور قول مالك والجمهور، وعن أحمد وبعض المالكية يجب على الناسي وتمسكوا بترك استفساره عن جماعة هل كان عن عمدٍ أو نسيان وترك الاستفصال في الفعل ينزل منزلة العموم في القول كما اشتهر. وقد تقدم جوابه عن الخطابي في شرح الحديث السابق، وأجاب الحافظ عنه بأنه قد تبين حاله بقوله هلكت واحترقت فدل على أنه كان عامداً عارفاً بالتحريم، وأيضاً فدخول النسيان في الجماع في نهار رمضان في غاية البعد - انتهى. قال ابن دقيق العيد (ج٢ ص٢١٤) إن حالة النسيان بالنسبة إلى الجماع ومحاولة مقدماته وطول زمانه وعدم إعتياده في كل وقت مما يبعد في حالة النسيان، فلا يحتاج إلى الاستفصال على الظاهر. لاسيما وقد قال الأعرابي هلكت فإنه يشعر بتعمده ظاهراً ومعرفته بالتحريم - انتهى قال الحافظ. واستدل بهذا على أن من ارتكب معصية، لا حد فيها وجاء مستفتياً إنه لا يعزر لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعاقبه مع اعترافه بالمعصية. وقد ترجم لذلك البخاري في الحدود. وأشار إلى هذه القصة وتوجيهه إن مجيئة مستفتياً يقتضي الندم والتوبة والتعزير إنما جعل الاستصلاح ولا استصلاح مع الصلاح، وأيضاً فلو عوقب المستفتي لكان سبباً لترك الاستفتاء وهي مفسدة عظيمة، فاقتضى ذلك أن لا يعاقب هكذا قرره ابن دقيق العيد. لكن وقع في شرح السنة للبغوي إن من جامع متعمداً في رمضان فسد صومه وعليه القضاء والكفارة، ويعزر على سوء صنيعه وهو محمول على من لم يقع منه ما وقع من صاحب هذه القصة من الندم والتوبة - انتهى (قال مالك) بفتح اللام "وما" استفهامية محلها بالابتداء أي أي شيء حصل أو وقع لك ولابن خزيمة ويحك ما شأنك ولأحمد (ج٢ ص٥١٦) وما الذي أهلكك وفي الأدب عند البخاري ويحك ما صنعت (وقعت على امرأتي) وعند البزار أصبت أهلي، وفي حديث عائشة وطئت امرأتي، ووقع في رواية مالك وابن جريج وغيرهما عند مسلم وغيره إن رجلاً أفطر في رمضان فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديث. واستدل به على إيجاب الكفارة على من أفسد صيامه مطلقاً بأي شيء كان، وهو قول المالكية والحنيفة. واختلف الأئمة فيه، فحكى عن عطاء والحسن والثوري والزهري والأوزاعي وإسحاق، إن الفطر بالأكل والشرب عمداً، يوجب ما يوجبه الجماع من القضاء والكفارة، وبه قال مالك وأبوحنيفة وأصحابهما. وذهب سعيد بن