يخلصني مثلاً وفي حديث عائشة أين المحترق وقد سبق توجيهه (قال أنا) أي أنا هو أو أنا السائل (خذ هذا فتصدق به) أي بالتمر الذي فيه على المساكين. وفيه دليل لما ذهب إليه الجمهور من أن الإعسار لا يسقط الكفارة وسيأتي الكلام في هذه المسألة. قال الحافظ: وزاد ابن إسحاق (عند البزار) فتصدق به عن نفسك ويؤيده رواية منصور في الصيام عند البخاري بلفظ: أطعم هذا عنك ونحوه في مرسل سعيد بن المسيب عند الدارقطني. واستدل بأفراده بذلك على أن الكفارة عليه وحده دون الموطوءة، وكذا قوله في المراجعة هل تستطيع وهل تجد وغير ذلك وهو الأصح من قولي الشافعية وبه قال الأوزاعي. وقال الجمهور:(مالك وأبوحنيفة وأحمد في الروايتين عنه) وأبوثور وابن المنذر تجب الكفارة على المرأة أيضاً على الاختلاف وتفاصيل لهم في الحرة والأمة والمطاوعة والمكرهة وهل هي عليها أو على الرجل عنها واستدل الشافعية بسكوته عليه الصلاة والسلام عن إعلام المرأة بوجوب الكفارة مع الحاجة. وأجيب بمنع وجود الحاجة إذ ذاك؛ لأنها لم تعترف ولم تسأل، واعتراف الزوج عليها لا يوجب عليها حكماً ما لم تعترف وبأنها قضية حال فالسكوت عنها لا يدل على الحكم لاحتمال أن تكون المرأة لم تكن صائمة لعذر من الأعذار. ثم إن بيان الحكم للرجل بيان في حقها لاشتراكهما في تحريم الفطر وانتهاك حرمة الصوم كما لم يأمره بالغسل والتنصيص على الحكم في حق بعض المكلفين كاف عن ذكره في حق الباقين، ويحتمل أن يكون سبب السكوت عن حكم المرأة ما عرفه من كلام زوجها بأنها لا قدرة لها على شيء - انتهى كلام الحافظ. وبنحو هذا ذكر ابن دقيق العيد (ج٢ ص٢١٩- ٢٢٠) وقال الخطابي (ج٢ ص١١٧) في أمره الرجل بالكفارة لما كان منه من الجناية دليل على أن على المرأة كفارة مثلها، لأن الشريعة قد سوت بين الناس في الأحكام إلا في مواضع قام عليها دليل التخصيص وإذا لزمها القضاء؛ لأنها أفطرت بجماع متعمد كما وجب على الرجل وجبت عليها الكفارة لهذه العلة كالرجل سواء وهذا مذهب أكثر العلماء. وقال الشافعي: يجزيهما كفارة واحدة وهي على الرجل دونها وكذلك قال الأوزاعي إلا أنه قال: إن كانت الكفارة بالصيام كان على كل واحد منهما صوم شهرين واحتجوا بأن قول الرجل أصبت أهلي سؤال عن حكمه وحكمها؛ لأن الإصابة معناها إنه واقعها وجامعها وإذا كان هذا الفعل قد حصل منه، ومنه معاً. ثم أجاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المسألة فأوجب فيها كفارة واحدة على الرجل ولم يعرض لها بذكر دل على أنه لا شيء عليها وإنها مجزئة في الأمرين معاً ألا ترى أنه بعث أنيساً إلى المرأة التي رميت بالزنا وقال إن اعترفت فارجمها فلم يهمل حكمها لغيبتها عن حضرته. فدل هذا على أنه لو رأى عليها كفارة لألزمها ذلك ولم يسكت عنها قلت (قائله الخطابي) وهذا غير لازم