القضاء. وقال عطاء: عليه القضاء والكفارة، وحكى عن الأوزاعي وهو قول أبي ثور. وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامداً، وحكى عن ابن مسعود وابن عباس إن القيء لا يفطر لما روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ثلاث لا يفطرن الصائم الحجامة والقيء والاحتلام، ولأن الفطر مما دخل لا مما خرج. ولنا ما روى أبوهريرة مرفوعاً من ذرعه القيء فليس عليه قضاء - الحديث، وحديثهم غير محفوظ (كما ستعرف) والمعنى الذي ذكر لهم يبطل بالحيض والمنى - انتهى. قلت: ويجاب عن حديث الثلاث بعد تسليم صلاحيته للاستدلال بأنه محمول على من ذرعه القيء جمعاً بين الأدلة وحملاً للعام على الخاص. قال ابن قدامة: وقليل القيء وكثيرة سواء في ظاهر قول الخرقي وهو إحدى الروايات عن أحمد، والرواية الثانية لا يفطر إلا بملء الفم، والثالثة نصف الفم والأولى أولى لظاهر حديث أبي ظاهر، ولأن سائر المفطرات لا فرق بين قليلها وكثيرها انتهى مختصراً. وقال الباجي (ج٢ ص٦٤) من استقاء يلزمه القضاء هذا قول مالك واختلف أصحابه في ذلك فقال الأبهري: هو على الاستحباب. وقال أبويعقوب الرازي: هو على الوجوب وبه قال الشافعي وأبوحنيفة، والدليل على وجوب ذلك إن المتعمد للقيء والمكروه لنفسه عليه لا يسلم في الغالب من رجوع شيء إلى حلقة فيقع به فطره، فلما كان ذلك الغالب من حاله حمل سائره على ذلك كالنوم في الحدث فإذا قلنا بوجوب القضاء فهل تلزمه الكفارة. قال أبوبكر عن ابن الماجشون عليه الكفارة. وقال القاضي أبومحمد: من قال من أصحابنا إن القضاء على الوجوب فإنه تلزمه الكفارة. وقال أبوالفرج: لو سئل عنه مالك لأوجب عليه الكفارة. قال الباجي: وفيه نظر. ويبطل عندي من وجهين أحدهما، أننا نوجب عليه القضاء لأننا لا نتيقن سلامة صومه فلابد له من القضاء لتبرأ ذمته من الصوم الذي لزمها، ونحن لا نتيقين فساد صومه فتوجب عليه الكفارة، والكفارة لم تثبت في ذمته قبل ذلك بأمر واجب. والثاني إن الكفارة إنما تجب إذا كان الفطر نفسه باختيار الصائم، فأما إذا فعل فعلاً يؤدي إلى وقوع الفطر منه بغير اختيار فلا تجب به عليه الكفارة - انتهى. وقيل: الجمع بين ما روى عن ابن عباس وابن مسعود وعلى من أن الفطر مما دخل لا مما خرج، وبين حديث الباب إن في الاستقاء يتحقق رجوع شيء مما يخرج، وإن قل حتى لا يحس به فلاعتباره يفطر، وفيما إذا ذرعه إن تحقق ذلك أيضاً لكن لا صنع له فيه، ولغيره من العباد فكان كالنسيان والخطأ (رواه الترمذي وأبوداود) الخ واللفظ للترمذي وأخرجه أيضاً أحمد (ج٢ ص٤٩٨) والنسائي في الكبرى وابن حبان والدارقطني (ص٢٤٠) والحاكم (ج١ ص٤٢٧) والبيهقي (ج٤ ص٢١٩) وابن الجارود في المنتقى (ص١٩٨) والطحاوي (ج١ ص٣٤٧) وابن حزم في المحلى (ج٦ ص١٧٥) وإسحاق بن راهويه في مسنده جميعاً من طريق عيسى بن يونس عن هشام بن