للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٤٣- (٥) وعن ابن عباس، قال: ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بماء فرفعه إلى يده ليراء الناس فأفطر حتى قدم مكة،

ــ

وإشغال الصوام، فلذلك قال بالأجر كله لوجود الصفات المقتضية لتحصيل الأجر منهم. وقال القاري: أي بالثواب الأكمل لأن الإفطار كان في حقهم حينئذٍ أفضل. وفي ذكر اليوم إشارة إلى عدم إطلاق هذا الحكم. وقال الطيبي: أي إنهم مضوا واستصحبوا الأجر ولم يتركوا لغيرهم شيئاً منه على طريقة المبالغة، يقال ذهب به إذا استصحبه ومضى به معه-انتهى. يعني بالأجر كله أو بكل الأجر مبالغة-انتهى كلام القاري. وقال ابن دقيق العيد: فيه وجهان: أحدهما، أن يراد بالأجر أجر تلك الأفعال التي فعلوها والمصالح التي جرت على أيديهم ولا يراد مطلق الأجر على سبيل العموم. والثاني أن يكون أجرهم قد بلغ في الكثرة بالنسبة إلى أجر الصوم مبلغا ينغمر فيه أجر الصوم، فتحصل المبالغة بسبب ذلك ويجعل كأن الأجر كله للمفطر-انتهى. وفي الحديث إنه إذا تعارضت المصالح قدم أولالها وأقواها. قال الحافظ: وفيه الحض على المعاونة في الجهاد، وإن الفطر في السفر أولى عن الصيام وإن الصيام في السفر جائز خلافاً لمن قال لا ينعقد وليس في الحديث بيان كونه إذ ذاك كان صوم فرض أو تطوع (متفق عليه) أخرجه البخاري في باب فضل الخدمة في الغزو من كتاب الجهاد، وهو من الأحاديث التي أوردها في غير مظنتها لكونه لم يذكره في الصيام، واقتصر على إيراده هنا، وأخرجه مسلم في الصيام وكذا النسائي والطحاوي (ص٣٣٣) والبيهقي (ج٤ص٢٤٣) واللفظ المذكور لمسلم. ولفظ البخاري قال أنس كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أكثرنا ظلاً الذي يستظل بكساءه. وأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئاً. وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ذهب المفطرون اليوم بالأجر.

٢٠٤٣- قوله: (عن ابن عباس) قال أبوالحسن القابسي: هذه الحديث من مرسلات الصحابة لأن ابن عباس كان في هذه السفرة مقيماً مع أبويه بمكة فلم يشاهد هذا القصة فكأنه سمعها من غيره من الصحابة (خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة) أي في غزوة الفتح في رمضان كما في رواية (فصام حتى بلغ عسفان) بضم العين وسكون السين المهملتين. قيل: هو موضع على مرحلتين من مكة. وقال عياض: هي قرية جامعه بها منبر على ستة وثلاثين ميلاً من مكة. قال النووي بعد ذكره: والمشهور أنها على أربعة برد من مكة وكل بريد أربعة فراسخ وكل فرسخ ثلاثة أميال، فالجملة ثمانية وأربعون ميلاً هذا هو الصواب المعروف الذي قاله الجمهور-انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>