للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٤٩- (١١) وعن حمزة بن عمرو الأسلمي، ((أنه قال يا رسول الله! إني أجد بي قوة على الصيام

في السفر، فهل علي جناح؟ قال: هي رخصة من الله عزوجل فمن أخ بها فحسن، ومن

أحب أن يصوم فلا جناح عليه)) رواه مسلم.

ــ

٢٠٤٩- قوله: (إني أجد) كذا في جميع النسخ وهكذا في جامع الأصول (ج٧ص٢٦٤) وكذا وقع في رواية الدارقطني والذي في صحيح مسلم أجد أي بحذف كلمة إني وهكذا نقله المجد بن تيمية في المنتقى (بي قوة) أي زائدة (على الصيام في السفر فهل علي جناح) أي إثم أو بأس بالصوم أو الفطر (قال هي) أي الإفطار والتأنيث بإعتبار الخبر (رخصة من الله عزوجل) فإن الصوم عزيمة منه تعالى. وقال الطيبي: قوله "هي رخصة" الضمير راجع إلى معنى السؤال، أي هل على إثم إن أفطر، فأنثه بإعتبار الخبر كما في قوله من كانت أمك ويحتمل أن السائل قد سمع أن الصوم في السفر عصيان، كما في حديث جابر أولئك العصاة، فسأل هل علي جناح أن أصوم لأني قوي عليه، فقال لا، لأن الإفطار رخصة، ولفظ الحسن يقوي الوجه الأول. وقال ابن حجر: يحتمل أن مراده فهل علي جناح في الفطر. لأني قوي، والرخصة للضعيف، أو في الصوم لأن الفطر رخصة، وقد تكون واجبة. وقوله "هي" أي تلك الفعلة أو الخصلة المذكورة وهي الإفطار في السفر، وأنث ضميره وهو رخصة أي تسهيل من الله عزوجل لعباده دفعا للمشقة عليهم ما جعل عليكم في الدين من حرج، وتأنيث الضمير لتأنيث الخبر (فمن أخذ بها) أي بالرخصة (فحسن) أي فعله حسن مرضي لا جناح عليه للحديث الآخر إن الله يحب أن يؤتى رخصة كما يحب أن يؤتى عزائمه (ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه) قال القاري: كان ظاهر المقابلة أن يقول فحسن أو فأحسن بل مقتضى كون أول رخصة، والثاني عزيمة أن يعكس في الجزاء بأن يقال في الأول فلا جناح عليه، وفي الثاني فحسن لكن أريد المبالغة، لأن الرخصة إذا كانت حسنا فالعزيمة أولى بذلك، ولعله عليه السلام علم بنور النبوة إن مراد السائل بقوله فهل علي جناح أي في الصوم ويدل عليه المقدمة المتقدمة من قوله إني أجدبي قوة على الصيام، وكذا ما سبق من حديثه أول الباب-انتهى باختصار. قلت ظاهر الحديث ترجيح الإفطار في السفر مطلقاً كما هو مذهب أحمد خلافاً للجمهور لقوله فحسن. قال الشوكاني: قوله أجد بي قوة ظاهره إن الصوم لا يشق عليه ولا يفوت به حق، وفي رواية لمسلم إني أسرد الصوم وقد جعل المصنف (يعني صاحب المنتقى) هذا الحديث قوى الدلالة على فضيلة الفطر لقوله - صلى الله عليه وسلم - فمن أخذ بها ومن أحب أن يصوم فلا جناح. فاثبت للأخذ بالرخصة الحسن وهو أرفع من رفع الجناح. وأجاب الجمهور بأن هذا فيمن يخاف ضررا أو يجد مشقة كما هو صريح الأحاديث. وقد أسلفنا تحقيق ذلك. وقال الأبي في شرحه لمسلم: احتج بالحديث من جعل الفطر أفضل لقوله فيه فحسن، وقال في الصوم فلا جناح، ولا حجة فيه لأن قوله لا جناح إنما هو جواب لقوله هل علي جناح، ولا يدل على أن الصوم ليس بحسن وقد وصفهما معا في الآخر بالحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>