للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية، قالت: (كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً) متفق عليه.

ــ

وأما قولها لم يستكمل صيام شهر إلا رمضان فيحمل على الحذف أي إلا رمضان وشعبان. بدليل قولها في الطريق الأخرى، فإنه يصوم شعبان كله، وحذف المعطوف والعاطف جميعا ليس بعزيز في كلامهم، ففي التنزيل لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أي ومن انفق بعده. ويمكن الجمع بطريق أخرى وهي أن يكون قولها وكان يصوم شعبان كله محمولا على حذف أداة الاستثناء والمستثنى، أي إلا قليلاً منه، ويدل عليه حديث عبد الرزاق بلفظ. ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر صياما منه في شعبان. فإنه كان يصومه إلا قليلاً: وقيل في الجمع إن قولها الثاني متأخر عن قولها الأول فأخبرت عن أول أمره أنه كان يصوم أكثر شعبان، وأخبرت ثانيا عن آخر أمره أنه كان يصومه كله. وقيل بالعكس ولا يخفي ما في ذلك. وقال الباجي: يحتمل أن تريد بقولها ما استكمل صيام شهر قط غير رمضان أنه استكمله على وجه التعيين والتخصيص له، وما روى أنه كان يصوم شعبان كله لم يكن على وجه التعيين له، وقد روى عن عبد الله بن شقيق قلت لعائشة هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً معلوما سوى رمضان قالت لا، والله، إن صام شهراً معلوما سوى رمضان حتى مضى لوجهه الحديث. فقولها شهراً معلوما يقتضى أن يكون معلوما بصومه وهذا لا يمنع أن يكون صامه على غير هذا الوجه-انتهى. قال الحافظ: والأول (من وجوه الجمع الثلاثة الأول) هو الصواب، ويؤيده رواية عبد الله ابن شقيق عن عائشة عند مسلم، وسعد بن هشام عنها عند النسائي ولفظه، ولا صام شهراً كاملاً قط منذ قدم المدينة غير رمضان، وهو مثل حديث عبد الله عند البخاري، قال ما صام النبي - صلى الله عليه وسلم - شهراً كاملاً قط غير رمضان-انتهى. واختاره النووي كما سيأتي وابن القيم كما في الهدي. ومال الطيبي إلى الوجه الثاني وقال القاري: وهو أقرب لظاهر اللفظ. وقال العيني بعد الكلام: في الوجه الأول من وجوه الجمع، والأحسن أن يقال فيه أنه باعتبار عامين فأكثر فكان يصومه كله في بعض السنين وكان يصوم أكثره في بعض السنين-انتهى. قال الحافظ: ولا تعارض بين هذا وبين ما تقدم من الأحاديث في النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وكذا ما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني. فإن الجمع بينهما ظاهر بأن يحمل النهي على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده. وقد تقدم إن أحاديث النهي عن التقدم مقيدة بقوله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يكون رجل يصوم يوماً، وفي الحديث دليل على فضل الصوم في شعبان. (وفي رواية) أي لمسلم فإنه قد تفرد بها، وأخرجها أيضاً النسائي وابن ماجه والبيهقي (كان يصوم شعبان كله) أي غالبه ولذلك ذكرت قولها كان يصوم شعبان إلا قليلاً تفسيراً له (كان) كذا في أكثر النسخ، وهكذا وقع في صحيح مسلم وسنن ابن ماجه والبيهقي والمحلى (ج٧ص١٤) لابن حزم وكذا نقله الجزري في جامع الأصول (ج٧ص٢٠٧) قال القاري: وفي نسخة وكان-انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>