للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعمران يسمع، فقال: يا أبا فلان! أما صمت من سرر شعبان. قال: لا قال: فإذا أفطرت فصم يومين) متفق عليه.

ــ

وأخرجه من وجهين آخرين عن مطرف بدون شك على الإبهام أنه قال لرجل، زاد أبوعوانة في مستخرجه من أصحابه، ورواه أحمد من طريق سليمان التيمي به قال لعمران بغير شك-انتهى. (وعمران يسمع) جملة حالية (فقال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (يا أبا فلان) قال الحافظ: كذا في نسخة من رواية أبي ذر للبخاري بأداة الكنية وللأكثر يا فلان بإسقاطها (أما) الهمزة للاستفهام "وما" نافية (صمت من سرر شعبان) بفتح السين المهملة ويجوز كسرها وضمها والراء مفتوحة في الجميع، جمع سرة بضم السين وتشديد الراء، قال النووي: ضبطوا السرر بفتح السين وكسرها، وحكى القاضي ضمها، قال: وهو جمع سرة، ويقال أيضاً سَرار وسِرار بفتح السين وكسرها، ذكره ابن السكيت وغيره. قال الفراء: والفتح أفصح وكله من الاستسرار. واختلف في تفسيره، والمشهور أن المراد به هنا آخر الشهر وهو قول الجمهور من أهل اللغة والغريب. فالحديث وسمي بذلك لاستسرار القمر يعني استتاره فيه وهي ليلة ثمان وعشرين وتسع وعشرين وثلاثين، وهذا موافق لما ترجم له البخاري بقوله باب الصوم آخر الشهر واستشكل بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة السابق لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين وأجيب بأن الرجل كان معتادا لصيام سرر الشهر أو كان قد نذره فلذلك أمره بقضاءه. قال المجد ابن تيمية في المنتقى: يحمل حديث السرر على أن الرجل كانت له عادة بصيام الشهر أو قد نذره. وقال الزين المنير: يحتمل أن يكون الرجل كانت له عادة بصيام آخر الشهر فلما سمع نهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتقدم أحد رمضان بصوم يوم أو يومين ولم يبلغه الاستثناء بقوله. إلا أن يكون شيء يصومه أحدكم فليصم ترك صيام ما كان اعتاده من ذلك، فأمره بقضاءها لتستمر محافظته على ما وظف على نفسه من العبادة، لأن أحب العمل إلى الله ما دام عليه صاحبه قال: وأطلق البخاري في ترجمته الشهر وإن كان المذكور في الحديث شهراً مقيدا وهو شهر شعبان إشارة منه إلى أن ذلك لا يختص بشعبان بل يؤخذ من الحديث الندب إلى صيام أواخر كل شهر ليكون عادة للمكلف، فلا يعارضه النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين لقوله فيه إلا رجل كان يصومه فليصمه-انتهى. وقال الخطابي في المعالم (ج٢ص٩٦) هذان الحديثان متعارضان في الظاهر، ووجه الجمع أن يكون حديث السرر إنما هو شيء كان الرجل قد أوجبه على نفسه بنذره فأمره بالوفاء أو كان ذلك عادة قد اعتادها في صيام أواخر الشهور فتركه لاستقبال الشهر فاستحب له - صلى الله عليه وسلم - أن يقضيه. وأما المنهي عنه في حديث ابن عباس وأبي هريرة فهو أن يبتدئ المرء متبرعاً به من غير إيجاب نذر ولا عادة قد كان تعودها فيما مضى-انتهى. وكذا قال المازري والقرطبي وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>