للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٦٠- (٥) وعن ابن عباس، قال: ((ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء، وهذا الشهر، يعني شهر رمضان)) متفق عليه.

ــ

٢٠٦٠- قوله: (يتحرى) من التحري أي يقصد قاله الحافظ. وقال العيني: التحري المبالغة في طلب الشيء (صيام يوم) قال القاري: منصوب بنزع الخافض أي ما رأيته يبالغ في الطلب ويجتهد في صيام يوم-انتهى. وفي رواية أحمد (ص٢٢٢) والنسائي ما علمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يوماً يتحرى فضله على الأيام. قال السندي: أي يراه ويعتقده. وعند أحمد (ج١ص٣٦٧) ما علمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحرى صيام يوم يبتغي فضله على غيره (فضله على غيره) أي وصيام شهر فضله على غيره بتشديد الضاد المعجمة جملة في موضع جر صفة ليوم (إلا هذا اليوم) أي صيامه (يوم عاشوراء) بدل أو منصوب بتقدير أعنى وهو اليوم العاشر من المحرم (وهذا الشهر) بالنصب عطف على قوله هذا اليوم وهذا من اللف التقديري، لأن المعطوف لم يدخل في لفظ المستثنى منه إلا بتقدير، وصيام شهر فضله على غيره كما مر، أو يعتبر في الشهر أيامه يوماً، فيوما موصوفا بهذا الوصف، وحينئذٍ فلا يحتاج إلى تقدير وصيام شهر. قال الطيبي: قوله "فضله" بتشديد الضاد. قيل: بدل من يتحرى، والحمل على الصفة أولى لأن هذا اليوم مستثنى، ولا بد من مستثنى منه، وليس ههنا إلا قوله يوم وهو نكرة في سياق النفي يفيد العموم، والمعنى ما رأيته عليه الصلاة والسلام يتحرى في صيام يوم من الأيام صفته أنه مفضل على غيره إلا صيام هذا اليوم، فإنه كان يتحرى في تفضيل صيامه ما لم يتحر في تفضيل غيره، وهذا الشهر عطف على هذا اليوم، ولا يستقيم إلا بالتأويل إما أن يقدر في المستثنى منه فصيام شهر فضله على غيره، وهو من اللف التقديري، وإما أن يعتبر في الشهر أيامه يوماً فيوماً موصوفا بهذا الوصف-انتهى. قلت: اللفظ المذكور هنا للبخاري. ولفظ مسلم سئل ابن عباس عن صيام يوم عاشوراء فقال: ما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يوماً يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم ولا شهراً إلا هذا الشهر يعني رمضان (يعني شهر رمضان) تفسير من الراوي عن ابن عباس. قال الحافظ: وكان ابن عباس اقتصر على قوله وهذا الشهر، وأشار بذلك إلى شيء مذكور كأنه تقدم ذكر رمضان وذكر عاشوراء أو كانت المقالة في أحد الزمانين وذكر الآخر، فلهذا قال الراوي عنه يعني رمضان أو أخذه الراوي من جهة الحصر في أن لا شهر يصام إلا رمضان لما تقدم له عن ابن عباس أنه كان يقول: لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام شهراً كاملاً إلا رمضان-انتهى. وهذا من باب الترقي أو تقديم عاشوراء للاهتمام به أو لتقدمه في أصل وجوب الصوم أو لكونه من أول السنة. وإنما جمع ابن عباس بينهما وإن كان أحدهما واجباً والآخر مندوبا لإشتراكهما في حصول الثواب لأن معنى يتحرى أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>