للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٦٦- (١١) وعن معاذة العدوية، أنها سألت عائشة أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم. فقلت لها؟ من أي أيام الشهر كان يصوم؟

ــ

ثم السؤال يحتمل احتمالين أن يكون من كثرة صيامه عليه السلام فيه، وأن يكون من مطلق الصيام وخصوص فضله من بين الأيام (فقال فيه ولدت وفيه أنزل) أي الوحي (على) أي فأصوم شكراً لهاتين النعمتين. قال القاري: يعني حصل لي فيه بدأ الكمال الصوري وطلوع الصبح المعنوي المقصود والباطني والتفضل الابتدائي والانتهائي، فوقت يكون منشأ للنعم الدنيوية والأخروية حقيق بأن يوجد فيه الطاعة الظاهرية فيجب شكره تعالى عليّ والقيام بالصيام لديّ لما أولى من تمام النعمة إليّ. وقال الطيبي اختياراً للاحتمال الثاني: أي فيه وجود نبيكم وفيه نزول كتابكم وثبوت نبوته فأي يوم أولى بالصوم منه فاقتصر على العلة أي سئل عن فضيلته لأنه لا مقال في صيامه فهو من الأسلوب الحكيم-انتهى. وفيه أن الظاهر إن السؤال عن العلة فيطابق الجواب السؤال. وعلى تقدير أن يكون السؤال عن نفس الصوم فالمعنى هل فيه فضل، فحينئذٍ ما ذكره أيضاً فصل الخطاب لا من الأسلوب الحكيم في الحوادث. قلت: وقع في رواية للبيهقي قال أي عمر أرأيت من صام يوم الاثنين، قال ذاك يوم ولدت فيه ويوم أنزلت علي فيه النبوة، وهذا يؤيد أن السؤال كان عن نفس الصوم فيه لا عن كثرة صيامه - صلى الله عليه وسلم - فيه وقال في شرح المواهب: والمتبادر أن السؤال عن فضيلته فالجواب طبق السؤال إذ لا يليق سؤال الصحابي عن جواز صيامه، لا سيما إن رأى أو علم أنه - صلى الله عليه وسلم - صامه. وحاصل التنزل أنه لا بد من تقدير مضاف وهو إما فضل وإما جواز إذ لا معنى للسؤال عن نفس الصوم، فدل الجواب على أن التقدير فضل-انتهى. وفي الحديث دلالة على أن الزمان قد يتشرف بما يقع فيه وكذا المكان وعلى أنه يستحب صوم يوم الاثنين، وأنه ينبغي تعظيم اليوم الذي أحدث الله فيه على عبده نعمة بصومه والتقرب فيه. وقد ورد في حديث أبي هريرة الآتي تعليل صومه - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين والخميس، بأنه يوم تعرض فيه الأعمال، وأنه يحب أن يعرض عمله وهو صائم، ولا منافاة بين التعليلين. (رواه مسلم) في الصوم وأخرجه أحمد (ج٥ص٢٩٧، ٢٩٩) وأبوداود والبيهقي (ج٤ص٢٨٦، ٣٠٠) والحاكم (ج٢ص٦٠٢) وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وهذا يدل على أنهما ظنا أن الحديث ليس في واحد من الصحيحين مع أنه رواه مسلم في صحيحه من طرق.

٢٠٦٦- قوله: (أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام قالت نعم) أي وهذا أقل ما كان يقتصر عليه (من أي أيام الشهر كان يصوم)

<<  <  ج: ص:  >  >>