يسرالله عليه في الدنيا والآخرة. ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة. وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. ومن بطأ به عمله
ــ
(يسرالله عليه في الدنيا والآخرة) أي في الدارين أو في أمورهما. (ومن ستر مسلماً) أي بثوب، أو بترك التعرض لكشف حاله بعد أن رآه يرتكب ذنباً. لكن الستر المندوب هو الستر على ذوي الهيئات ممن لا يعرف بالأذى والفساد، وأما المعروف به، أو المتلبس بالمعصية بعد فيجب إنكارها ورفع الأمر إلى الولاة إن لم يقدر على منعه. وأما جرح الرواة والشهود وأمناء الصدقات فواجب. (ستره الله) أي عورته أو عيوبه، ويجوز إرادة ظاهره وإرادة ستر ذنبه جميعاً. (والآخرة) يعني ستره عن أهل الموقف، أو ترك المحاسبة عليه وترك ذكرها. (والله في عون العبد) الواو للاستئناف، وهو تذييل للكلام السابق. (ما كان العبد) أي ما دام العبد مشغولاً (في عون أخيه) أي المسلم بأي وجه كان يجلب نفع أو دفع ضر. (ومن سلك طريقاً) حقيقياً حسياًً وهو المشي بالأقدام إلى مجالس العلماء أو معنوياً مثل حفظ العلم ومدارسته ومذاكرته ومطالعته وكتابته والتفهم له، ونحو ذلك من الطرق المعنوية التي يتوصل بها إلى العلم. (يلتمس) حال أو صفة (سهل الله به) أي بذلك السلوك، والباء للسببية (طريقاً إلى الجنة) أي يسهل له العلم الذي طلبه وسلك طريقه وبيسره عليه، فإن العلم طريق يوصل إلى الجنة، أو بيسرالله إذا قصد بطلبه وجه الله، الانتفاع به والعمل بمقتضاه، فيكون سبباً لهدايته ولدخول الجنة بذلك، وقد بيسرالله لطالب العلم علوماً أخر ينتفع بها، وتكون موصلة له إلى الجنة، أو يسهل له طريق الجنة الحسي يوم القيامة وهو الصراط وما قبله وما بعده من الأهوال فبيسر ذلك على طالب العلم للانتفاع به. (في بيت من بيوت الله) هو شامل لجميع ما يبنى لله تقرباً إليه من المساجد والمدارس والربط. (ويتدارسونه) قيل: شامل لجميع ما يتعلق بالقرآن من التعلم والتعليم والتفسير والاستكشاف عن دقائق معانيه. (السكينة) قيل في معنى السكينة أشياء، المختار منها أنها شيء من مخلوقات الله تعالى فيه طمأنينة ورحمة ومعه الملائكة، قاله النووي. (وغشيتهم الرحمة) أي علتهم وغطتهم وسترتهم (وحفتهم الملائكة) أي ملائكة الرحمة والبركة أحدقوا وأحاطوا بهم تعظيماً لصنيعهم، أو طافوا بهم وداروا حولهم إلى سماء الدنيا يستمعون القرآن ودراستهم. (وذكرهم الله فيمن عنده) أي الملأ الأعلى والطبقة الأولى من الملائكة، وذكره تعالى للمباهاة بهم. (ومن بطأ به عمله) بتشديد الطاء، من التبطئة ضد التعجيل كالإبطاء، والباء للتعدية أي من أخره عن بلوغ درجة السعادة عمله السيء في الآخرة، أو تفريطه في العمل الصالح